تبدو مصر وكأنها تبذل جهودا لإقناع إيران بتجنب مفاقمة الصراع في غزة ومنعه من الانزلاق إلى نطاق إقليمي أكبر.
وبالفعل، ناقش وزير الخارجية المصري سامح شكري مع نظيره الإيراني حسين أمير عبداللهيان، في اتصال هاتفي جرى يوم 23 أكتوبر/تشرين الأول، المخاطر المرتبطة بتوسيع نطاق الصراع. ونقل شكري لوزير الخارجية الإيراني رأيه بأن تصعيد الصراع سيؤدي إلى زعزعة المنطقة ككل، ويمكن أن يؤدي إلى عواقب يصعب التنبؤ بها.
جرت هذه المحادثات بين وزيري الخارجية المصري والإيراني في وقت كانت فيه مصر تواجه تحديات في الحفاظ على التواصل مع قيادة حماس في غزة، خاصة بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية المستمرة على الأراضي الفلسطينية وعزل إسرائيل لغزة عن العالم الخارجي.
ولعبت، مصر جنبا إلى جنب مع قطر، دورا أساسيا في تأمين إطلاق سراح امرأتين إسرائيليتين مسنتين من الأسر في غزة يوم 23 أكتوبر/تشرين الأول. إلا أن الهجمات الإسرائيلية الحالية على غزة جعلت من الصعب على مصر التواصل بفعالية مع قيادة حماس على الأرض.
أسوأ المخاوف تتحقق
وباتت مخاوف مصر من اتساع رقعة الصراع في غزة واتخاذه أبعادا إقليمية حقيقة واقعة، فها هي جماعة "حزب الله" اللبنانية تشارك في أعمال عدائية، في الأيام الأخيرة، وتستهدف مواقع للجيش الإسرائيلي في شمال إسرائيل وتتبادل إطلاق النار معه. وفي الوقت نفسه، شنّت ميليشيا الحوثي في اليمن هجمات صاروخية على إسرائيل وتعهدت بتقديم الدعم لشعب غزة. بالإضافة إلى ذلك، تعرضت القوات الأميركية في العراق وسوريا للهجوم، مع توقعات بمزيد من الهجمات على هذه القوات والقواعد الأميركية في البلدين في المستقبل القريب.
وقالت دلال محمود، أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن الحرب بدأت بالفعل، خاصة عندما يتعلق الأمر بالقصف الحالي المتبادل بين "حزب الله" وإسرائيل. وقالت محمود لـ"المجلة": "إن تورط حزب الله في الصراع سيخدم مصالح إسرائيل التي تريد أن تثبت أنها تتعرض للهجوم من الجميع". وأضافت: "هذا أمر خطير للغاية، خاصة إذا فتحت إسرائيل جبهة ضد حزب الله، ليس في لبنان وحسب، بل في سوريا أيضا".
ويبدو أن مصر تعرف من يحرك الخيوط في جبهات الحرب المفتوحة حتى الآن، حتى من دون توجيه الاتهام مباشرة لإيران، فلا أحد يجهل أن الجماعات التي تقود هذا التصعيد في الدول المذكورة جميعها مرتبطة بإيران، وتخوض الحروب نيابة عنها، وهي لا تعدو كونها أداة الجمهورية الإسلامية لتوسيع نفوذها في المنطقة والسيطرة على عاصمة إقليمية تلو الأخرى.
ولهذا السبب تتحدث القاهرة مباشرة مع طهران، ويأتي هذا الحديث في وقت تستعد فيه العاصمتان لإعادة العلاقات فيما بينهما بعد سنوات من اللامبالاة والشكوك المتبادلة التي تغذيها خلافاتهما الآيديولوجية وما كان ينظر إليه في القاهرة كسياسات إقليمية عدوانية من جانب إيران، وخاصة تجاه الدول العربية الشقيقة في شبه الجزيرة العربية.