عندما سئل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كيف سيرد جيشه على الهجوم الذي شنّته حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول، أجاب، "كما لم نفعل من قبل". وأضاف، "قلت إن كل مكان تعمل منه 'حماس' سيتحول إلى أنقاض. هذا ما يحدث اليوم بالفعل، وسيحدث أكثر من ذلك في المستقبل". التكلفة البشرية لهذا التصعيد باهظة جدا على الفلسطينيين والإسرائيليين، لكن كيف ستؤثّر حرب طويلة الأمد على اقتصاد إسرائيل؟
اقتصاد متأزم
كان الاقتصاد الإسرائيلي يعاني من مشكلات كثيرة قبل عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر. فقد انخفض سعر الشيكل الإسرائيلي من 3,53 في مقابل الدولار الواحد إلى 3,84 في الأسبوع الذي سبق هجوم "حماس". وفي النصف الثاني من شهر أكتوبر، ارتفع هذا الرقم إلى 4,06 شيكلات في مقابل الدولار، وأعلن البنك المركزي الإسرائيلي أنه سيبيع نحو 30 مليار دولار من الاحتياطات الأجنبية لدعم العملة. وكان الناتج المحلي الإجمالي، الذي حقّق نمواً مهما بلغ 6,5 في المئة عام 2022، قد انخفض إلى توقّعات متواضعة بلغت 3 في المئة في صيف سنة 2023، مصحوبًا بغضب شعبي من ارتفاع تكاليف المعيشة بالإضافة إلى مشكلات داخلية أخرى في البلاد.
وقد أصدرت وزارة المالية تقريراً في سبتمبر/أيلول يفيد بأن الاستثمارات الأجنبية في إسرائيل انخفضت بنسبة 60 في المئة في الربع الأول من السنة الجارية مقارنة بسنة 2022، وأن متوسّط قيمة التخارج عند بيع شركة ناشئة إسرائيلية انخفض بنحو 80 في المئة في ربع السنة نفسه. وعُزي ذلك لأسباب عديدة، بما فيها تراجع أداء اقتصاد التكنولوجيا في الولايات المتحدة، إضافة إلى الآثار غير المباشرة للحرب في أوكرانيا.
لكن جزءاً كبيراً من كل ذلك يُعزى إلى الاضطرابات السياسية الداخلية في إسرائيل، بما في ذلك المحاولات المثيرة للجدل التي بذلتها حكومة نتنياهو لإصلاح النظام القضائي.
وقد أصدر مركز أبحاث "آي. في. سي." و"لئومي تك" بيانات كشفت كيف انخفض حصاد التمويل لشركات التكنولوجيا الإسرائيلية بما يزيد على 65 في المئة في الربع الثاني من سنة 2023 مقارنة بالفترة نفسها من سنة 2022. كذلك، تزايد تقلّص الوظائف في قطاع التكنولوجيا، حيث خفّضت "غوغل"، التي تمتلكها شركة "ألفابت"، فريقها في البلاد، وأنهت "أوبر" عملياتها في إسرائيل. وفي مقالة لصحيفة "المونيتور" الإلكترونية، نُقل عن عمير مواف، وهو مستشار سابق لنتنياهو وأستاذ الاقتصاد في جامعتي "وارويك" و"رايخمان"، قوله: "هناك تباطؤ عالمي في الاستثمارات في قطاع التكنولوجيا المتقدّمة، لكن الوضع أسوأ بكثير في إسرائيل. ويبدو أن السبب هو الحكومة الإسرائيلية القائمة، وخصوصا الثورة القضائية أو الخوف من هذه الثورة".