أمستردام: تبدو هولندا إزاء ما يحدث في غزة وإسرائيل استثناء على الصعيد الأوروبي. وربما يعود ذلك إلى أن البلاد المنخفضة ليست من الدول الأوروبية الكبرى، وغير ضالعة اليوم في سياسات واسعة النطاق على الصعيد الدولي والشرق الأوسط، شأن فرنسا وبريطانيا تاريخيا، وألمانيا المعذبة الضمير حيال المحرقة اليهودية في الحقبة النازية. هناك عامل آخر على الأرجح في هذا الاستثناء الهولندي: ضخامة عدد الجاليات "المسلمة" والعربية والأفريقية المهاجرة والمتوطنة في هولندا، قياسا إلى عدد سكانها "الأصليين" (وهذا المصطلح غير مستحسن أصلا استعماله بين الخليط السكاني الهولندي الكبير)، وقياسا إلى قلة التمييز ضد المهاجرين في هولندا، مقارنة بفرنسا مثلا.
مفاجأة أمستردام
فقد شهدت العاصمة الهولندية أمستردام قبل أيام تظاهرة احتجاجية ضخمة، حيال ما تقوم به إسرائيل في غزة بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، فلم تضاهها وتفقها عددا سوى التظاهرات الاحتجاجية التي قامت في لندن، حسبما أشارت بعض المصادر، التي ذكرت أن التظاهرة التي دعت إليها قوى سياسية يسارية وليبيرالية ومنظمات حقوقية وحركات ناشطة-نهار الأحد 15 أكتوبر/تشرين الأول الجاري - كانت الأضخم في هولندا منذ بداية الألفية الثالثة. إذ احتشد في صبيحة ذاك الأحد ما يقارب 20 - 25 ألف شخص في كبرى ساحات وسط أمستردام (دام سكوير). وتمدّد الحشد في الشوارع الرئيسة المتفرّعة من الساحة، فشلّ حركة المواصلات العامة في وسط المدينة طوال ساعات.