قبل أيام قليلة من اندلاع حريق مديرية أمن الإسماعيلية، استقبل معهد غوته في القاهرة والإسكندرية جمهورا غفيرا لحضور العرض الأول في مصر لفيلم "شرف" المأخوذ عن رواية الكاتب صُنع الله إبراهيم، ومن إخراج سمير نصر. جاء العرض ضمن فعالية "أسبوع الأفلام"، التي يُطلقها المركز الثقافي الألماني بصورة دورية.
قد لا نتبين للوهلة الأولى، العلاقة بين الحدث المأساوي الذي خلّف ضحايا عديدين من قتلى ومُصابين، وبين الفيلم السينمائي الذي لم تُتح له فرصة من قبل للعرض في البلد. لكن مَنْ قرأ الرواية وتابع على الشاشة المشاهد المروعة، ربما يجد نفسه مأخوذا إلى استعادة عوالم "شرف"، لأنها بالضبط عوالم المسجونين والضباط في مديريات الأمن. وقد يختلط الواقع بالخيال، فنتصوّر حتى أن ذلك العالم الذي روى عنه شرف كشخصية أدبية هو الذي احترق، ولعلّه قضى بصورة مأساوية هو الآخر متفحما، ملتاعا على زملائه، هو الذي جاهد طويلا، ليبقى على قيد الحياة.
شرف إنسان عادي، بل عادي أكثر من اللازم، لا شيء يُميزه، منسحق تحت وطأة مسرح حياة اكتمل ديكوره قبل وصوله إليه. في لحظة مُعينة، يغلب هذا المسرح بشخوصه النافذة على شخصية شرف، فيُهمّش أكثر وأكثر، وآنذاك يصير، بلغة المسرح نفسه، مجرد كومبارس، واحدا من بين ملايين آخرين.