بعد شهور من "الهدوء التام" بين الولايات المتحدة الأميركية، التي تملك تشكيلة من المصالح الحيوية وقاعدتين عسكريتين في العراق، ومجموع الفصائل العراقية المسلحة المحسوبة والمرتبطة بإيران أي ما يسمى "الفصائل الولائية"؛ فإن وقائع الأيام القليلة الماضية تُشير إلى إمكانية تحطم ذلك، على وتيرة الحرب الإسرائيلية على غزة، ورغبة الفصائل الولائية في تحقيق مجموعة من المكاسب لصالحها، مستفيدة من النقمة الشعبية العراقية على الولايات المتحدة بسبب مساندتها التامة لإسرائيل خلال هذه الحرب، ومستغلة الظرف الأمني الحساس الذي تمر به المنطقة راهنا، وسعي الولايات المتحدة لعدم توسع رقعة الحرب بأي ثمن.
تحركات تصعيدية
التهديدات باستهداف المصالح والقواعد العسكرية الأميركية في العراق صدرت تباعا من عدد من السياسيين والقادة العسكريين "الولائيين" العراقيين، مثل عضو البرلمان وأحد قادة الحشد الشعبي العراقي هادي العامري، والأمين العام لـ"فصائل أهل الحق" قيس الخزعلي، ومثلهم آخرون كثيرون، وإن كانوا يربطون ذلك بتدخل الولايات المتحدة لصالح إسرائيل في هذه الحرب.
أولى المجريات الميدانية حدثت عبر استهداف "قاعدة عين الأسد" (الأميركية) في محافظة الأنبار غربي العراق بطائرتين مُسيرتين يوم الأربعاء (18/10)، قال الجيش الأميركي إنه أسقطهما قبل وصولهما إلى أجواء القاعدة. في اليوم نفسه أعلن "جهاز مكافحة الإرهاب" في إقليم كردستان عن سقوط طائرة مُسيرة بالقرب من "قاعدة حرير" العسكرية الأميركية شمالي العاصمة أربيل، دون أضرار.
بعد الهجومين بيومين فحسب، كشفت مصادر أمنية عراقية أن "طائرتين مُسيرتين" هاجمتا قاعدة "عين الأسد" مُجددا. أسقطت القوات الأميركية واحدة منها، فيما سقطت الثانية ضمن "حرم القاعدة". حدث ذلك بعد ساعات قليلة من زيارة وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي إلى القاعدة ذاتها. وقال بيان الوزارة العراقية إن الزيارة جاءت بغية "متابعة الوضع الأمني وتفقد القطعات في المحافظة". وفي اليوم نفسه ذكر بيان لفصائل مسلحة عراقية أن عناصرها عادوا لاستهداف "قاعدة حرير" في إقليم كردستان. فيما تم تداول أنباء عن اتخاذ القنصلية الأميركية في مدينة أربيل إجراءات أمنية احترازية، ودخول القوات الأميركية في "قاعدة حرير" مرحلة "الجهوزية التامة لمواجهة أي طارئ"، بما في ذلك "حفر خنادق دفاعية".
وأوضح "اللواء 29" من الفرقة السابعة بالجيش العراقي (قيادة قوات الجزيرة والبادية) أن دورياته عثرت على منصة لإطلاق الصواريخ، موجهة نحو قاعد "عين الأسد" الأميركية، تحمل صواريخ من نوع "غراد"، تم تفكيكها.
في السياق نفسه، أشارت مصادر كردية عراقية إلى تحركات مكثفة لفصائل من الحشد الشعبي في المرتفعات الجبلية لمنطقة سنجار (ذات الغالبية السكانية الكردية اليزيدية) القريبة من الحدود السورية، متوقعة أن تكون منصات لإطلاق الصواريخ قد نُصبت هناك، موجهة نحو القواعد العسكرية الأميركية في الجانب السوري من الحدود. لتذكر فصائل "المقاومة الإسلامية في العراق" في بيان لاحق، نُشر صبيحة يوم الجمعة (20/10) أنها "أطلقت صواريخ على قاعدة للاحتلال الأميركي في حقل غاز كونيكو بريف دير الزور"، وهو ما أكده الجيش الأميركي فيما بعد.