عُرضت لافتة تحمل عبارة "إسرائيل قاتلة الأطفال" عبر الشارع من مقهى مركزي في إسطنبول، حيث تجمع عدد من الرجال الأتراك من مختلف الأعمار، يرتشفون أكواب الشاي
وأثارت التقارير الأولية عن مقتل "مئات" الفلسطينيين مساء يوم 17 أكتوبر/تشرين الأول، في ما بدا أنه الهجوم الأخير على مستشفى "المعمداني" في غزة، ضجة كبيرة في شوارع تركيا، التي طالما كانت متعاطفة مع القضية الفلسطينية. ووصف سكان المدينة الأكثر عالمية في تركيا الحادث بأنه "إبادة جماعية"، و"مذبحة"، مع غمرة التقارير العاطفية ومقاطع الفيديو للقتلى على وسائل التواصل الاجتماعي.
وأصدر مجلس الأمن القومي الإسرائيلي بيانا فور صدور الأخبار، حذر فيه من أن "جميع الإسرائيليين المقيمين في تركيا يجب أن يغادروا في أسرع وقت ممكن"، وذلك بسبب "استمرار تفاقم التهديدات الإرهابية ضد الإسرائيليين في الخارج".
وفي غضون ساعات، تجمع آلاف المواطنين الأتراك، إلى جانب أعضاء من الجالية العربية الكبيرة في المدينة، خارج المبنى الذي يضم القنصلية الإسرائيلية في جزء آخر من إسطنبول. وأطلقت الألعاب النارية، مما أثار لدى البعض صدى لأصوات الحرب في أماكن أخرى. وحمل بعض المتظاهرين الأعلام الفلسطينية وتجمعوا سلميا، في حين حاول آخرون، يحدوهم الغضب، اقتحام صف من شرطة مكافحة الشغب التركية التي كانت تحمي القنصلية.
وفي خطوة مهمة، أصدرت الأحزاب السياسية في البرلمان التركي بيانا مشتركا يدين إسرائيل لاستهدافها المستشفيات في غزة، بينما أصدر مكتب حاكم إسطنبول بيانا في اليوم التالي بشأن الاحتجاج أمام القنصلية الإسرائيلية. وأفاد بأن ما يقرب من 80 ألف متظاهر شاركوا، معربا عن أسفه لوفاة أحد المتظاهرين بسبب نوبة قلبية، وإصابة 63 شخصا، بينهم 43 ضابط شرطة. كما ذكر البيان اعتقال خمسة أفراد لمحاولتهم اختراق حاجز أمني، ودعا المتظاهرين إلى تجنب الأعمال التي قد تؤدي إلى أضرار لا يمكن إصلاحها.
تراشق الاتهامات حول المسؤولية
ادعى مسؤولو "حماس" في غزة أن إسرائيل هي التي هاجمت مستشفى "المعمداني"، في حين زعمت إسرائيل أن الانفجار ناتج عن صاروخ أخفق في بلوغ هدفه بعد أن أطلقته جماعة الجهاد الإسلامي الفلسطينية المسلحة. و"حركة الجهاد الإسلامي" هي ثاني أكبر جماعة مسلحة في قطاع غزة بعد حماس. وفيما تعتبر الولايات المتحدة كلا المجموعتين منظمتين إرهابيتين تدعم إيران كلا التنظيمين بالمال والعتاد.
وكان مستشفى غزة هو المكان الذي لجأ إليه كثير من الأشخاص الذين فروا من مناطق أخرى خلال الأيام العشرة السابقة من القتال الدائر، بعد أن أنذرت إسرائيل سكان الجزء الشمالي من القطاع بضرورة المغادرة قبل وقوع الحدث الذي يتوقع كثيرون أن يبدأ بالمزيد من الغارات الجوية المدمرة، يتلوه غزو بري محتمل.
ولا يُسمح حاليا للصحافيين الأجانب بالدخول إلى قطاع غزة، الذي تتحكم إسرائيل ومصر بإمكان الوصول إليه، ولذلك فإن من الصعوبة بمكان الحصول على أخبار دقيقة من المنطقة، بينما تستغرق محاولة التحقق منها وقتا طويلا. وفي الوقت نفسه فإن جميع أطراف الصراع الدائر حاليا تستخدم، ومنذ زمن طويل، حرب المعلومات، والمعلومات المضللة.
وفي صباح يوم 18 أكتوبر/تشرين الأول، زعم كثير من خبراء مصادر الاستخبارات المفتوحة، وخبراء الذخائر على وسائل التواصل الاجتماعي أن الصور التي التُقطت لموقع الضربة المزعومة لا تبدو متسقة مع ضربة جوية أو مع عدد القتلى المبلغ عنه، والتي تُشير ضمنا إلى أنها ربما ضُخمت. وتُظهر لقطات الفيديو، والصور مقتل عشرات الأشخاص على الأقل.