يذكر أن قطاع التكنولوجيا هو من أعرق القطاعات في إسرائيل وأهمها، انطلق عام 1974، تاريخ تأسيس شركة "إنتل" في البلاد، فيما يعود تاريخ تأسيس الشركات الناشئة إلى تسعينات القرن الماضي. واكتسبت إسرائيل منذ ذلك التاريخ حتى اليوم سمعة واسعة في هذا المجال، وصارت بعد مرور نصف قرن من الاستثمارات، المركز التكنولوجي العالمي الثاني بعد "سيليكون فالي" الأميركي وتتمركز فيها آلاف الشركات.
وتدير شركات التكنولوجيا مثل "أبل" و"غوغل" و"إنتل" مراكز تطوير في إسرائيل تضم عشرات الآف الموظفين، وهي تمثّل العمود الفقري لقطاع التكنولوجيا المتطوّرة والحديثة، الذي كان في أزمة قبل حرب غزة.
400 شركة ضمنها الكبرى في العالم
يعمل في إسرائيل، بحسب تقارير رسمية، نحو 400 مركز للتطوير تابعة لشركات التكنولوجيا المتعددة الجنسيات، ونحو 70,000 عامل من جنسيات عدة، من أصل نحو 400 ألف موظف وعامل في صناعة التكنولوجيا الفائقة الدقة وأنشئت مراكز تطوير للعديد من الشركات العملاقة على غرار: "إنتل" و"أبل" و"غوغل" و"آي. بي. أم." و"فايسبوك" و"مايكروسوفت" و"نيفيديا" و"أوراكل" و"سيسكو"، تضاف إليها شركات إسرائيلية تحولت الى شركات عملاقة مثل "تشيك بوينت" و"أمدوكس".
تصف دراسات عن الاستثمار في شركات التكنولوجيا في إسرائيل بالمخاطرة غير المحسوبة العواقب، في بلد يعيش منذ عقود على وقع حرب وعدم الاستقرار السياسي، إضافة إلى البيروقراطية والأزمات الاقتصادية، وأخيرا التعديلات القضائية التي أثارت جدالا واسعا.
لكن إسرائيل تمكّنت مع ذلك من أن تكون منشأ تطبيقات عديدة يستخدمها اليوم مليارات من البشر بشكل يومي على غرار تطبيقات معالجات الكومبيوتر من "إنتل" و"أبل" وبتقنيات التعرف إلى الوجه في "آيفون" وكاميرات الهواتف المحمولة من نوع "سامسونغ".
لكن أزمة الشركات العملاقة العالمية وعلامات الاستفهام عن الوضع في إسرائيل وإمكانات توسيع استثماراتها، سبق وطرحت منذ أشهر، وزادت على إيقاع حرب غزة. فقد كشف تقرير لموقع "غلوبز" أن رئيس شركة الإلكترونيات العالمية العملاقة "سامسونغ"، لي جاي يونغ - وهو شخصية اقتصادية دولية بحجم الرئيس التنفيذي لشركة "أبل" – زار إسرائيل سراً قبل أسبوع من انطلاق عملية "طوفان الاقصى"،وتعكس هذه الزيارة، وهي واحدة من الزيارات العديدة التي قام بها رؤساء تنفيذيون لشركات دولية ضخمة بهذا الحجم على مدى العقد الماضي، علناً وسرا، حسب السردية الاسرائيلية، المكانة المركزية التي تحتلها الشركات الإسرائيلية التابعة لهم. إلا انها كانت زيارات للوقوف على واقع مناخ الأعمال الذي شهد تدهورا كبيرا منذ بداية السنة.
وكانت وزارة الابتكار والعلوم والتكنولوجيا في إسرائيل قد حذّرت من تراجع الاستثمارات في قطاع التكنولوجيا الفائقة وصناعة "الهاي تاك" في إسرائيل. وأكدت أن مرد ذلك حالة عدم اليقين.
وبلغت الاستثمارات في التكنولوجيات الفائقة الدقة في إسرائيل نحو 5 مليارات دولار حتى الآن، وهو أدنى رقم منذ 2019، وكانت بلغت اقصاها عام 2021 بعدما تجاوزت 25 مليار دولار.
تخطّت المخاوف اليوم حال "عدم اليقين" في ظل تحول الحرب القائمة، إلى حرب طويلة الأجل، مع إلحاق أضرار جسيمة بالجبهة الداخلية الاسرائيلية التي كانت حتى وقت قريب، محصّنة بجيش لا يقهر وأمن سيبراني أبهر العالم، وتقنيات تجسّس ونظم عسكرية هي من الأكثر تطورا في العالم.