لم تكن الأسواق المالية في مختلف دول العالم في أحسن أحوالها منذ بداية السنة، ولم يكن ينقصها سوى حرب دامية ومدمرة جديدة في غزة تضاف الى الصراعات الأخرى بمختلف أشكالها. أداء هذه الأسواق تفاوت بين مد وجزر وتفاعلت مع البيانات الاقتصادية وصعدت بمؤشراتها خلال أشهر السنة الجارية بعدما تراجعت حدة التضخم الذي كان يشكل قلقاً أساسياً ودفع السلطات النقدية في مختلف الدول إلى رفع سعر الفائدة وزيادة تكاليف الاستدانة. لا يزال استمرار الحرب في أوكرانيا وعدم حسمها يمثل مشكلة اقتصادية، حيث حافظت أسعار النفط على اتجاهها ارتفاعا، خصوصاً أن الدول المنتجة الأعضاء في "أوبك بلس"، قررت خفض الإنتاج على المدى طويل الأجل حفاظاً على تماسك الأسعار.
كذلك، لم يكن أداء الأسواق المالية متميزاً طوال العام المنصرم. يعود ذلك الى التشدد في السياسات النقدية الذي أدى إلى رفع معدلات الفائدة المصرفية الى مستويات قياسية. فخلال النصف الأول من السنة الجارية، ارتفعت المؤشرات بنسبة قدرت بـ 12 في المئة في الأسواق الرئيسية في الاقتصادات المتقدمة، ما يعني إضافة ستة تريليونات دولار إلى قيمة الأسهم المدرجة. لا شك أن أسهم التكنولوجيا حققت الارتفاعات الأهم. لكن الأداء في الربع الثالث من السنة لم يكن متناغماً مع أداء النصف الأول حيث بقي "عدم اليقين" سائداً بالنسبة لتوجهات مجلس الاحتياطي الفيديرالي الأميركي، ومدى إمكان رفع اضافي لسعر الفائدة خلال الفترة المتبقية من هذه السنة، وكيف ستتعامل البنوك المركزية الرئيسية الأخرى في هذا الشأن.