بعد عشرة ايام من الحرب في غزة، بات يمكن طرح بعض الاستنتاجات، بناء على التداعيات الحاصلة في واقع الفلسطينيين، وبعيدا عن العواطف والشعارات، التي قد تفيد في الأوقات العادية، لكنها لا تضيف شيئا في أوقات الحرب.
وحدة الساحات
هذه الأطروحة المرتجاة تبدو كشعار دعائي لم تثبت صدقيته، لا في الأيام الأولى للحرب، في ظل الإرباك الإسرائيلي الحاصل، الذي وفر فرصة سانحة لها، ولا بعد كل هذا الدمار في غزة. في الواقع فإن هذا الشعار يسري كوهم، إذ لم يتحقق، ولو جزئيا، إبان حروب إسرائيل المتوالية على غزة، ولا أثناء انتهاكاتها للمسجد الأقصى. فـ"حزب الله" مثلا هو رصيد لإيران، فقط، تستخدمه حيث توافق، كما حصل في سوريا، في قتل السوريين دفاعا عن نظام الأسد، أو في حال شعورها بخطر يتهددها مباشرة، علما أن قوات "حزب الله" وميليشيات إيران تقاتل في سوريا لكنها لا ترد على ضربات إسرائيل المتوالية لها، بحجة الرد في المكان والزمان المناسبين.
أيضا غير مجدٍ ومضر وغير منطقي الحديث عما يسمى محور مقاومة وممانعة لأن هذ المعسكر يستخدم فلسطين للابتزاز والاستهلاك والمزايدة فقط، وللتغطية على سياسات إيران في تصديع وحدة المجتمعات العربية لتعزيز مكانتها الإقليمية، وهذا المعسكر مسؤول عن خراب سوريا والعراق ولبنان، فمن غير المعقول أن يأتي بالخير لشعب فلسطين، فقضايا الحرية والعدالة لا تتجزأ، وادعاء مناصرة قضية فلسطين لا تبيض صفحة إيران مما فعلته بسوريا والعراق ولبنان، إذ لا يمكن لجريمة أن تغطي أو تبرر أخرى، ولا لمجرم أن يغطي أو يبرر آخر، لا إسرائيل ولا إيران.
غياب حكومة “حماس”
بينت عملية “حماس”، التي أوجعت إسرائيل بطريقة غير مسبوقة، استعدادات عالية، تستحق الإعجاب، بيد أن ذلك لم يقترن بتهيئة المجتمع للحرب، ولا باستعدادات حكومتها وأجهزتها للقيام بالخدمات المفروضة، بل إن تلك الحكومة بدت غائبة عن المشهد، إذ لم تقم بواجبها إزاء سكان غزة بالقياس لما قامت به وكالة "الأونروا" بأجهزتها الخدمية التي ملأت ذلك الفراغ وفقا لإمكانياتها.