اشتكى عدد من نازحي الجزء الشمالي من غزة إلى قسمها الجنوبي من عدم توفر أي من المواد التموينية والإغاثية لإعالتهم وأسرهم بعد النزوح الاجباري تحت وقع التهديدات الإسرائيلية والتحذير بالإخلاء الفوري لكافة بلدات شمال القطاع ومدينة غزة، حتى وادي غزة في الوسط والذي يجري بعرض القطاع من الحدود الشرقية وحتى الغرب إلى البحر المتوسط.
وأفاد المواطن محمد أسعد، وهو في الخمسينات من عمره ونازح من بلدة بيت لاهيا شمال القطاع مع 14 فردا من أسرته، أنّ الجيش الإسرائيلي استهدف غالبية المنازل المحيطة بمنزله في منطقة سكنه بالصواريخ الثقيلة، مضيفا: "رموا علينا منشورات من الجو ثلاث مرات خلال يومين، يطلبون فيها الإخلاء والنزوح باتجاه الجنوب، وأنا خفت على أولادي وعائلتي ونزحت".
واشتكى أسعد من عدم توفر المياه والكهرباء والمواد التموينية في المدرسة التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) التي اضطروا إلى النزوح إليها غرب مدينة خانيونس جنوبي القطاع، قائلاً "اضطررنا للنزوح من دون أخذ شيء معنا من البيت، وما لقينا فرشات للنوم أو مياه في الحمامات أو مياه للشرب أو حتى خبز".
وتواجه النساء النازحات مشاكل إضافية لعدم توفر أي خصوصية لهنّ، حيث يتم وضع العائلات مُجتمعة داخل الفصول الدراسية، وهي الأماكن الوحيدة التي تستطيع الجهات والمؤسسات الدولية توفيرها كمأوى للنازحين. وتقول ريهام عبد السلام (35 عاما)، لـ"المجلة": "المأوى المتوفر أشبه بالشارع أو بالأماكن العامة، لا توجد أي خصوصية لنا نحن النساء، لا نستطيع أن نرفع حجابنا طول اليوم حتى خلال الساعات التي نحاول فيها سرقة النوم، أو حتى قضاء حوائجنا في حمامات عامة دون أي خصوصية".
وأشارت عبد السلام التي نزحت في أول الأمر من منطقة الصبرة وسط مدينة غزة بعد استهداف منزل لعائلة "الديري" قريبا من منزل عائلتها، دون سابق إنذار، وتسبب في مجزرة، بنزوحها هي وعائلتها وطفلتها إلى منزل أقاربهم في مخيم المغازي وسط القطاع، إلى النزوح مرة ثانية وبالتزامن مع النزوح الجماعي لسكان النصف الشمالي نحو الجنوبي، حيث استهدفت الطائرات منزلا مجاورا للمنزل الذي نزحت له، مما أجبرها على النزوح إلى مدرسة صناعة وكالة "الأونروا" غربي مدينة خان يونس.
وقال مصدر في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا)، إن الوكالة اضطرت وبشكل مفاجئ للتعامل مع أكثر من 45 ألف نازح من شمال القطاع إلى جنوبه دون أي استعدادات مسبقة، بالإضافة إلى انعدام مقومات الحياة بسبب قطع إسرائيل للكهرباء والماء عن غزة، ومنع دخول المحروقات والمواد الغذائية والطبية، منذ بداية إعلانها الحرب على القطاع.
وأكد المصدر أنّ "الأونروا" لا تمتلك ملاجئ للنازحين سوى مباني المدارس التي أسستها منذ النكبة الفلسطينية عام 1948، وإعلان تأسيسها كوكالة دولية مسؤولة عن اللاجئين الفلسطينيين وتقديم الخدمات التعليمية والصحية والمواد الغذائية لهم ولأسرهم، مشيرا إلى أن تلك الملاجئ لم تكن بمأمن عن الاستهداف الإسرائيلي، حيث استهدفت الطائرات أربع مدارس كانت تستخدم مأوى للنازحين من شمال وشرق القطاع، قبل مطالبتهم بالنزوح نحو الجنوب.