شكلت مفاجأة تخطي جدار غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، منعطفا في تاريخ الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، وإشارة إلى أن رهانات الاستقرار في الشرق الأوسط تبقى أسيرة الوقائع القاسية لنزاعات طويلة من دون حل.
وفي غمار ذلك، يعتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن رد إسرائيل على حماس "سيغير الشرق الأوسط برمته". وهذا رهان مبالغ فيه، ويأتي بعد إخفاق استراتيجي إسرائيلي. لكن على أرض الواقع، أدت العملية الأخيرة إلى إعادة وضع القضية الفلسطينية على جدول الأعمال الدولي؛ وإلى توحيد الصف الإسرائيلي وإلى توحيد الموقف الغربي الداعم لإسرائيل.
تجدر الإشارة إلى أن مقاربة واشنطن والعواصم الغربية الأخرى للعلاقة مع إسرائيل والتحولات في اتجاهات الرأي العام حيال المسألة الفلسطينية ليست بنت ساعتها، بل هي نتاج احتدام الصراع الدولي ومحصلة تطورات داخل الولايات المتحدة وأوروبا، وتغيرات على الساحة الفلسطينية ومجمل المشهد الإقليمي في الشرق الأوسط.
وتطرح حرب غزة بإلحاح تساؤلات مشروعة حول أسباب الاصطفاف الغربي الداعم لإسرائيل، ونهاية التمايز الأوروبي- الأميركي. وقد جرى ربط ذلك بسقوط قتلى واحتجاز أسرى أو رهائن أميركيين وأوروبيين في عملية "طوفان الأقصى". لكن هذه الذريعة ليست كافية أو مقنعة لتبرير التشدد الغربي. أما التركيز على عناوين الحروب الدينية أو الصليبية أو صراع الغرب والشرق المستديم أو العائد، فلا يعفي من ضرورة سبر أغوار السياسات الغربية واعتماد مقاربات مستندة إلى الإحاطة بالأسباب الموجبة واللاعبين المؤثرين وتفاعلات الأطراف المعنية.