تسبب التوغل الذي قادته “حماس” داخل الأراضي الإسرائيلية، ومن ثمّ حجم الحرب التي تلت ذلك ووحشيتها، في صدمة للجميع.
ربما يعتقد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ويخبر الجميعَ أن هجوم “حماس” لم يكن مبررا، ولكن الاحتلال والإذلال المستمرين على مدى عقود، اللذين فاقمتهما سياسات الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة، والممارسات وأعمال العنف التي يقوم بها المستوطنون اليهود، كل ذلك كان لا بد أن يؤدي إلى الإحباط والغضب والانفجار على الجانب الفلسطيني.
لقد تحولت صدمة إسرائيل إلى رغبة عارمة في الانتقام؛ إذ قامت بقصف غزة وتحويلها إلى أنقاض، وأمرت ما يزيد على مليون شخص من سكان شمال غزة بالانتقال إلى جنوب القطاع.
ولا شيء يمنع الأمر الذي بدأ من غزة من الانتشار إلى جميع الأراضي المحتلة. وقد وقعت بالفعل اشتباكات أمس بعد صلاة الجمعة في الضفة الغربية والقدس الشرقية، حيث ورد أن نحو 50 فلسطينيا قُتلوا.
لكن الانتفاضة الفلسطينية الكبرى، والتي تمثّل "فتح" وجماعات المقاومة من الجيل الجديد في الأراضي المحتلة وكذلك عرب إسرائيل، لم تأتِ بالحجم الذي كانت “حماس” ترغب فيه، على الأقل حتى هذه اللحظة. وقد يكون أحد أسباب ذلك التلكؤ هو أن الخلافات والانقسامات القائمة بين “حماس” والفلسطينيين الآخرين تتفوق في قوتها على المشاعر المناهضة لإسرائيل والاحتلال.
ومكمن القلق الرئيس حاليا هو احتمال تحول هذا الصراع إلى صراع إقليمي. وفي هذه الأزمة، تتصدر السعودية ومصر وقطر المشهد في العالم العربي. وقد حذر من ذلك وزراء الجامعة العربية الذين اجتمعوا في القاهرة؛ فالدول العربية حريصة على عدم الانجراف نحو التصعيد، كما أنها حريصة على مشاعر الشارع العربي، في هذه الأزمة.
ومن المؤكد أن هناك بعدا إيرانيا، ولكن يصعب تخمين مدى ذلك البعد وطبيعته. وقد أعلنت إيران صراحة دعمها لهجوم “حماس”، ووصفته بأنه عمل بطولي، لكنها نفت مع ذلك أي تورط في الاستعدادات والتنظيم.
كما أن زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان إلى العراق وسوريا ولبنان وقطر، واجتماعاته التي زُعم أنها جرت مع قادة “حماس” و"حزب الله"، علاوة على التطورات التي برزت مثل قصف مطاري دمشق وحلب، والمناوشات بين "حزب الله" وإسرائيل في الشمال، يمكن اعتبارها جميعا علامات على اتساع نطاق الصراع.
لقد جاء الصراع في وقت في غاية السوء بالنسبة إلى دولة أخرى تتمتع بثقل إقليمي، ألا وهي تركيا؛ فالعلاقات بين تركيا وإسرائيل، والتي تدهورت بشكل كبير منذ الغارة الإسرائيلية على السفينة التركية "ماڨي مرمرة"، والتي كانت تحمل مساعدات إلى غزة عام 2010، بدأت تتحسن مؤخرا.