فلسطين في عيون السعوديين

فلسطين في عيون السعوديين

لا يزال العالم في حيرة من أمره، ما الذي حدث في "طوفان الأقصى"؟ كيف دخلوا؟ كيف تمت العملية؟ هل هي الصدمة أم أن الإسرائيليين قد غضوا الطرف عن قصد؟ أم أنه أمر دبّر في ليل؟ وانبعثت أسئلة تذكّر بأجواء 11 سبتمبر وسرديات المؤامرة الخفية. مع ذلك هي أسئلة مشروعة ولا تجد أجوبة مقنعة. وهناك من قرر – وهو محق – أن الغطرسة الإسرائيلية كانت في حاجة إلى كسر.

من المستفيد مما يحدث؟ في اليوم الأول، وكان السبت، شعر معظم العرب بنشوة يظهرها البعض ويخفيها البعض، في اليوم الثاني شاب النشوة نوع من القلق من العواقب أفسدها. أما اليوم، مع توالي الأيام، فنجد أن النشوة قد اختفت تماما، وبقي لنا أن نحاول فهم ما يحدث.

أعلنت إسرائيل أنها قد عقدت العزم على القضاء الكامل على كل الجماعات الإسلامية في غزة، لكن هذا لا يبدو صادقا بقدر كافٍ، لأن الغالبية العظمى ممن يقع على رؤوسهم القصف الإسرائيلي في هذه الأيام هم من النساء والأطفال. في الواقع، هي تبجّحت بأنها ستضطر إلى قتل بعض المدنيين في تحدٍّ صارخٍ للقانون الدولي. وما أقرب أن يكون التهجير هو سبب كل هذه المعركة التي سمّوها "طوفان الأقصى". أعني تدمير غزة بالكامل والعبث بالديموغرافيا وإبعاد أهلها إلى مصر. 250 ألفا من الغزيين فقدوا مساكنهم وهذا الرقم لا يزال في ازدياد. هذا فيما يبدو الشرق الأوسط الجديد الذي يتحدث عنه الإسرائيليون منذ أيام، تهجير الفلسطينيين إلى بقية دول العالم العربي.

"حزب الله"وإيران اللذان أوعزا بهذه المعركة لن يصنعا شيئا، فقد جاءت رسالة واضحة من فرنسا لـ"حزب الله" تمنعه من التدخل، على فرض أنه تدخل يوما ما لصالح الفلسطينيين


"حزب الله" وإيران اللذان أوعزا بهذه المعركة لن يصنعا شيئا، فقد جاءت رسالة واضحة من فرنسا لـ"حزب الله" تمنعه من التدخل، على فرض أنه تدخل يوما ما لصالح الفلسطينيين. الذي أعلن منذ اليوم الأول وقوفه مع الشعب الفلسطيني هو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وهذا غير مستغرب فهذا موقف ملوكنا منذ تأسّست السعودية.

لم تتخلّ المملكة العربية السعودية يوما عن واجباتها تجاه أشقائها، وها هي اليوم ثابتة على موقفها الذي سنّه لها الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن، فالملك عبد العزيز رفض الانتداب الإنكليزي واتخذ موقفا مؤيدا للثوار الفلسطينيين في 1936 وذلك من خلال إرسال المساعدات، والضغط على الإنكليز لإنصاف الفلسطينيين، خلافا لعدد من القيادات العربية التي طالبتهم بإيقاف الثورة في ذلك الوقت. وفي تقرير نشرته جريدة "الشرق الأوسط" في عددها 7130 توثيق موقف مبكر للملك عبد العزيز يقول فيه: "على الرغم من أن لنا الحق في عدم قبول اليهود في فلسطين، ورفض استيطانهم، بل لنا الحق حتى في طردهم، لأنهم جلبوا ضد رغبتنا، ولأننا أصحاب الحق الشرعي في فلسطين، وعشنا فيها حوالى (1500) سنة. لقد أخذنا فلسطين من الروم وليس من اليهود. ومع ذلك فنحن على استعداد أن نترك اليهود الموجودين في فلسطين سابقا، وذلك بسبب رغبتنا في استمرار علاقتنا الودية، وتعاوننا مع دولتي الحلفاء: الولايات المتحدة وبريطانيا".

 نحن حتما لسنا مع "حماس" ولا مع "حزب الله" ولا مع أي فصيل تابع لإيران. نحن مع فلسطين ومع الشعب الفلسطيني ولن نتخلى عنهما، لأن هذا هو واجبنا الذي لن نحيد عنه أبدا


في حرب 1948 وصلت القوات السعودية إلى مصر تحت قيادة القائممقام سعيد كردي وكانت تتكون من ثلاثة آلاف مقاتل، واصطفت هذه القوات مع الجيش المصري في رفح ثم دخلت إلى غزة في 27 مايو/أيار 1948 وهاجمت المستوطنات الإسرائيلية في النقب وبئر السبع ودير سنيد، وخاضت القوات السعودية معركة "كرانية" التي دامت سبعة أيام، ومعركة "بيت إسحاق" ومعركة "المزرعة"، وقد استشهد منهم ما يربو على 1700 مقاتل.

موقف السعوديين واضح ولا لبس فيه مهما كثر لغط المتلاعبين بالألفاظ. نحن حتما لسنا مع "حماس" ولا مع "حزب الله" ولا مع أي فصيل تابع لإيران. نحن مع فلسطين ومع الشعب الفلسطيني ولن نتخلى عنهما، لأن هذا هو واجبنا الذي لن نحيد عنه أبدا.

font change