تحولت يوميات الجزائريين الذي ينتمون إلى الطبقات الهشة والمتوسطة إلى كابوس مزعج يعكر صفوهم، في ظل الارتفاع غير المعقول وغير المنطقي لأسعار المواد ذات الاستهلاك الواسع، مقابل زيادات جد طفيفة في الأجور، فهم يدركون اليوم أنهم ضحية حرب مجنونة وعبثية ومريرة بين الحكومة وتجار باتوا خارج السيطرة.
وأمام هذا الوضع الصعب والمعقد كونه مرهونا بعدد من العوامل المتشابكة، وجّه البرلمان الجزائري استجوابا مكتوبا لرئيس الوزراء الجزائري أيمن بن عبدالرحمن، على خلفية ما وصفته بـ"الوضع الخطير" بسبب الارتفاع الصاروخي في الأسعار وتدهور القدرة الشرائية للمواطنين من الطبقات المتوسطة والضعيفة.
وعرض نص الاستجواب الذي قدمه نواب حركة مجتمع السلم الجزائرية المحسوبة على التيار الإسلامي، وصفا دقيقا للوضع، وذكر أن "الأسعار شهدت غلاء فاحشا، لا سيما تلك المواد التي يعتبر استهلاكها ضروريا باعتبارها قواما للحياة على غرار الخضراوات واللحوم ومختلف المواد الغذائية التي أصبحت محرمة على بطون الجزائريين، فضلا على الندرة التي تشهدها مواد أخرى، مما تسبب في تراجع المنافسة".
الوضع صعب
وأكد نص الاستجواب أن "هذا الوضع الصعب والمؤسف الذي ولد تذمرا لدى الجزائريين بعدما عقدوا كل آمالهم على التغيير الذي كان عنوانه الجزائر الجديدة، هو ما جعلنا انطلاقا من المسؤولية التي ألقاها الشعب على عاتقنا باعتبارنا ممثلين له ونعيش واقعه، أن نفعّل هذه الآلية الرقابية المنصوص عليها دستوريا من خلال استجواب الحكومة ممثلة في شخصكم المحترم حول هذا الوضع الخطير".
ودعا أصحاب الاستجواب رئيس الوزراء الجزائري إلى الجهر بالإجراءات المتخذة من طرف الجهاز التنفيذي لمعالجة الوضع الراهن، والجدير بالذكر هنا أنه من النادر جدا أن تقوم تشكيلة سياسية باستجواب الحكومة، فعادة يكتفي النواب بطرح أسئلة كتابية أو شفوية تتضمن انشغالات ومشاكل الشعب.
وحسب أحدث الأرقام التي نشرها الديوان الوطني للإحصائيات (المؤسسة الإحصائية المركزية في الجزائر)، في أبريل/نيسان الماضي، فقد قفزت أسعار المواد الزراعية بنسبة 3.2 في المئة خلال فبراير/شباط الماضي، وأسعار المواد الغذائية ارتفعت بنسبة اثنين في المئة خلال نفس الفترة، أما أسعار اللحوم البيضاء فقد ارتفعت بأكثر من 19 في المئة، والخضراوات بـ8.2 في المئة، بينما ارتفع الحد الأدنى للأجور بواقع 2000 دينار ليصل إلى عتبة 20 ألف دينار، أي ما يعادل 170 دولارا، وهو ارتفاع طفيف جدا لا يسمن ولا يغني من جوع، ومنذ 2012 استقر الأجر الأدنى المضمون في الجزائر عند 18 ألف دينار أي ما يعادل 150 دولارا.