في أكتوبر/تشرين الأول 1973، كان محمد الزواري طفلا لم يتجاوز الست سنوات وقد انطلق لتوه في المراحل الأولى للتعليم الابتدائي بمتاعب تعود إلى جسد أنهكه مرض الربو الحاد، فتكفلت والدته بحمله على ظهرها يوميا إلى المدرسة ثم انتظاره لإعادته إلى منزلهما المتواضع وسط مدينة صفاقس.
ذلك الطفل، أصبح بعد أربعة عقود مهندسا بارعا قضى نصف حياته مطاردا يحلم بالحصول على شهادة هندسة باسمه الحقيقي في بلده تونس التي عاد إليها بعد عقدين من حل وترحال، لينجح لاحقا في تحقيق نصف حلمه الأكاديمي. حلم أوقفه الرصاص أشهرا قليلة قبل مناقشته رسالة الدكتوراه التي توجت مشروع تخرجه باختراع طائرة من دون طيار مكنته من تحقيق حلمه الكبير بأن يقترن اسمه بقضية فلسطين.
كان بيان لـ"كتائب عز الدين القسام" الجناح العسكري لـ"حماس" الذي صدر بعد يوم من بدء عملية "طوفان الأقصى" كافيا ليتحول محمد الزواري إلى أحد مراكز اهتمام مختلف وسائل الإعلام في تغطية تطورات العملية الجارية؛ إذ أشار البيان إلى أن سلاح "حماس" الجوي شارك بـ35 مسيرة انتحارية من طراز "الزواري" في جميع محاور القتال، وساهم في التمهيد الناري لعبور مقاتليها إلى الأراضي المحتلة.