الشيء المؤكد في هجوم "حماس" الأخير على الجانب الإسرائيلي، هو ما حصل من مفاجأة في إسرائيل. إسرائيل التي اعتادت على مفاجأة العرب والفلسطينيين واجهت مفاجأة من العيار الثقيل، وللمرة الثالثة بمثل هذه القوة وعدم التحضر المسبق.
المرة الأولى، وقد تكون الأهم كانت في أكتوبر/تشرين الأول 1973، عندما فاجأت القوات المصرية والسورية إسرائيل بالمبادرة إلى الحرب والتوغل سريعا في الأراضي الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية. آنذاك كانت إسرائيل لا زالت تعيش "أفراح النصر" في يونيو/حزيران 1967، والتي مكنتها في حرب خاطفة من احتلال سيناء والجولان وغزة والضفة الغربية، بحيث تضاعفت مساحة الأرض تحت سيطرتها بثلاثة أضعاف... ولم تتوقع أن يستعيد الجيشان المصري والسوري عافيتهما بسرعة وأن يكونا جاهزين لمنازلة كالتي فرضاها على إسرائيل وجيشها، الذي اعتقد الإسرائيليون وكثير من شعوب العالم، بما في ذلك جزء من العرب، بأنه "لا يهزم".
وكما هو معروف فقد فقدت القيادات الإسرائيلية، السياسية والأمنية وغيرهما، اتزانها وقدرتها على الرد السريع، مما أدى إلى الاستنجاد بالأميركيين لردع المصريين والسوريين، من جهة، وإلى وصول بعض القيادات إلى حالة اليأس التي عبر عنها في المقولة المنسوبة لموشيه ديان: "على آخر واحد يهرب أن يطفئ الضوء".
لكن الأهم كما عرفنا بعد الحرب بحوالي أربع سنوات، هو معاقبة حزب "ماباي" والحركة العمالية في الانتخابات العامة، وصعود حزب المعارضة المركزي، الليكود بقيادة مناحم بيغن، إلى سدة الحكم، مما عنى أو أدى إلى تغييرات جدية في إسرائيل، وعلى كل المستويات، ولا زالت تتفاعل في غالبيتها، حتى اليوم.