نشر عضو البرلمان السابق روري ستيوارت كتابا ضخما، كان يمكن لصفحاته الأربعمئة أن تشذّب للتقليل من عددها. ومع أن شكاواه حول حزب المحافظين وزملائه النواب وباقي مؤسسات الدولة منطقية ومقنعة، إلا أنها لم تكن بحاجة إلى كل هذا التكرار. ولعله بالغ قليلا بإطلاعنا في كتابه على منظومة السجن التي حاول إصلاحها.
ومع ذلك، فالكتاب عمل جاد، كتبه شخص تمرد في السنوات الأخيرة وحاول جاهدا شق طريقه السياسي الخاص و"حرث أرضه السياسية بنفسه،" كما يقال، على الرغم من أن هذه العبارة قد لا تكون مستساغة في دائرة ستيوارت الانتخابية، في منطقة ليك العزيزة على قلب الشاعر وليام وردزورث، التي تعتمد على تربية الأغنام كجزء أساسي من نشاطها الزراعي.
استطاع آلان جونسون، الذي كان ذات يوم وزيرا في حكومة حزب العمال، أن يصف روري ستيوارت بدقة في مراجعته، حيث قال: "كان يتجول بمفرده كسحابة". فهو في نهاية المطاف من سافر عبر أفغانستان ليكتب بعد ذلك عن هذه الرحلة في كتابه "الأماكن التي في الوسط". وعندما أصبح نائبا لأول مرة عن دائرة "بنريث آند ذا بوردر"، قرر القيام بجولة شاملة داخل حدود دائرته الانتخابية الجديدة، وكان صادقا بما فيه الكفاية ليعترف أنه بالكاد التقى ناخبين خلال هذه العملية.
وفي مرحلة لاحقة، عندما سعى لتولي قيادة الحزب، جعل من التجول والالتقاء بالجمهور البريطاني السمة المميزة لحملته الانتخابية. أما بوريس جونسون، الذي انتصر في نهاية المطاف، فاعتمد على تكتيك معاكس تماما، هو الاختفاء التام تقريبا.
ونظرا لولع ستيوارت بالترحال والتجول، فإن رؤية صورته وهو يخطو بجرأة فوق فج عميق على غلاف كتابه ليست مفاجأة. وتبدو تلك الحركة خطرة وغير مريحة، وكأنه يمارس تمارين الأكروبات. ولا يمكننا إلا أن نتساءل هنا، ألم يكن بإمكانه اختيار طريق أسهل؟
ويبدو من خلفية الصورة أن المؤلف موجود في مشهد ريفي، بعيدا عن أروقة السلطة. ويعطينا الكتاب فكرة واقعية عن مدى هذا البعد. وفي الواقع، ربما يكون ترتيب كلمات عنوان الكتاب خاطئا، وربما كان من الأجدى لو أعيدت صياغته بهذا الشكل: "على حافة السياسة"؛ إذ بدءا من إقصائه إلى المقاعد الخلفية بعد فشله في دعم الحكومة بشأن إصلاح مجلس اللوردات، وصولا إلى مشاركته في مناظرة تلفزيونية مع منافسين آخرين على منصب رئيس الوزراء، يبدو روري محكوما بممارسة أدوار هامشية في المشهد السياسي.
وتدور شكواه المتكررة حول اعتقاده أنه لا أحد يتعامل بجدية كافية مع مهمة الحكومة. وهي حجة مقنعة إذا ما نظرنا إلى سلسلة المسؤولين المهرجين الذين تعاقبوا على مجلس الوزراء، إلا أنه يوجه كلامه للأشخاص المؤمنين به بالفعل؛ ففي الوقت الحالي، يتسم وضع الحكومة البريطانية بالتهريج والفشل، وهذا أمر يعرفه الناخبون البريطانيون جيدا، وليسوا بحاجة لأدلة إضافية عليه.