في 29 أيلول (سبتمبر) الماضي انتُخب أمين رشدي معلوف أمينا عاما دائما للأكاديميّة الفرنسيّة العريقة مدى الحياة. وقد ذكرت اسم والده لأنه كان من أكبر الصحافيين اللبنانيين وكَتَبَ طويلا في جريدة "الجريدة" اللبنانية في بيروت، وكنت في بداية تفتّحي على الصحافة شغوفا بمقاله اليومي بعنوان "مختصر مفيد"، يصوغ معظم مقالاته بأسلوب ساخر حول السياسة وسواها، وكأنّه كان آخر كتّاب السخرية.
أمين معلوف ابن أبيه، عمل في الصحافة في "النهار العربي والدولي"، وتعلم في مدرسة الآداب العليا L'École des Lettres، وأتذكّر أنّه كان يساريّا (غير حزبي) اشترك في بعض التظاهرات الطالبيّة عندما كانت الحركة الطالبيّة في أوجّ تحركاتها المطلبية وحتى السياسيّة.
اندلعت الحرب، وانتقل معلوف إلى فرنسا، بعدما عاش فصولا قاسية منها في بلده لبنان. اختار الرحيل؛ ونظنّ أنّ العنف والخراب والدمار والجنون الطائفي الذي أصاب لبنان واللبنانيين لعبت دورا أساسيّا في تكوينه الثقافي والسياسي والفكري؛ وإذا كان اشتغل في جريدة "النهار"، اللبنانية فهو أكمل مسيرَته الصحافية في مجلة "جون أفريك" (أفريقيا الفتيّة)، وكانت مرموقة بانفتاحها على قضايا العالم الثالث، والشعوب المهمّشة. كنت أقرأ بعض مقالات أمين معلوف في هذه المجلة، وكانت تتميّز بانتمائها إلى هذه العوالم التي ذكرنا. ونظنّ أنّ الحروب المتتالية في لبنان، وعمله في المجلة ساهما في اختياراته الفكريّة روائيّا وأدبيّا.