في مثل هذه الأيام قبل مئة عام، عرض الفيلم المصري القصير "برسوم يبحث عن وظيفة" (1923) لرائد صناعة السينما المصرية محمد بيومي. لم يكن من الغريب أن يتبع بيومي في فيلمه المنهج الكوميدي لأنه أسرع طريق إلى قلب الجمهور، وقد سجلت السينما المصرية عشرات الأسماء اللامعة في تاريخ الكوميديا سواء على مستوى التمثيل أو الإخراج أو كتابة السيناريو، ولا يزال صدى هذه الأفلام يتردّد إلى وقتنا هذا. لا تقف أهمية الكوميديا عند حدّ الاستمتاع، بل تؤثر أيضا في الجوانب السياسية، حتى أنه "لدى كل رئيس من رؤساء الولايات المتحدة بدءا من روزفلت، أناس ضمن الفرق التي تقوم بإعداد الخطب لهم، يُجيدون فن الإضحاك"، كما يذكر ملفن هيلترز في كتابه "أسرار كتابة الكوميديا".
تعاني السينما المصرية منذ وقت طويل من تدهور ملحوظ على المستويات كافة، كتابة وتمثيلا وإخراجا، وحتى العناصر التقنية كالمونتاج والديكور والتصوير وما إلى ذلك. إنها حالة من الاستسهال والتكرار هيمنت على العقد الأخير بكامله، وبتأمل الخريطة السينمائية لصيف هذا العام، نجد أنها لم تختلف كثيرا عن وجبة العام الماضي وكذلك الأعوام التي سبقته –إلا في ما ندر- حيث نتابع سيناريوهات بعضها مستنسخ عن بعض، سواء على مستوى نجاح الأفلام أو فشلها، أو من خلال ما يشبه "الكوتا" في الخلطة النهائية وهو ما يمكن تطبيقه على موسمي 2022/2023 بالمقارنة التالية: فيلمان صادمان لنجمين من نجوم الصف الأول ("واحد تاني"/ أحمد حلمي، و"مرعي البريمو"/ محمد هنيدي)، فيلما حركة وإثارة لم يأتيا على قدر التوقعات ("العنكبوت"/ أحمد السقا، و"ع الزيرو"/ محمد رمضان)، أفلام فائضة على الحاجة (خطة مازنجر-بحبك- خرجوا ولم يعودوا- عمهم- المطاريد- هارلي- شوجر داي-العميل صفر). ثمة "كوتا" أخرى أيضا لأفلام الـوقت بدل الضائع (تسليم أهالي-الدعوة عامة-فضل ونعمة- البطة الصفرا- مستر أكس- بيت الروبي- اتنين للإيجار)، وفيلم يتيم معقول في كلّ من العامين ("كيرة والجن/مروان حامد، وهذا العام "وش في وش").