على الرغم من فشل أفلام محمد هنيدي الأخيرة، إلا أن ذلك لم يمنعها من تحقيق إيرادات مرتفعة، كما لم يمنع هجوم الجمهور على نجمهم المفضل ولومه على إخفاقاته المتكررة. لذلك كتب هنيدي تعليقا حاز إعجاب الجميع بعد فيلمه الأخير "نبيل أخصائي تجميل": "أنا عارف إن في ناس ممكن ميكنش عجبها بعض الأفلام اللي فاتت... بس مع الفيلم ده بوعدكم إن هنيدي راجع بكل قوته من جديد مع المخرج الكبير سعيد حامد". عمل سعيد حامد مساعد مخرج مع العديد من المخرجين المتميزين مثل محمد خان وسمير سيف وشريف عرفة، ومنذ فيلمه الأول "الحب في الثلاجة" (1992) استطاع لفت الانتباه بتقديم رؤية كوميدية مغايرة من خلال عالم فانتازي ساخر خصوصا مع سيناريو من تأليف ماهر عواد.
ظهر هنيدي ضمن ضيوف الشرف في الفيلم الأول لحامد، وبعد ما يقارب ست سنوات كوّنا ثنائيا شهيرا بداية من "صعيدي في الجامعة الأمريكية" ثم "همام في أمستردام"، "جاءنا البيان التالي"، "صاحب صاحبه"، "يا أنا يا خالتي"، وربما هي الأفلام الأهم والأشهر في مسيرته الفنية، كما تمثل هذه المجموعة أيضا منعطفا مهما في مسيرة محمد هنيدي الكوميدية. تُذكر لسعيد حامد تجربة فريدة وعابرة في فيلم "رشة جريئة" (2011) الذي قدم حالة تجريبية رهيفة تنتقل برشاقة من الكوميديا إلى التراجيديا وتتعامل مع السينما "انطلاقا من قدرتها وليس من استخداماتها" كما يقول الناقد الفرنسي دومينيك نوجيز.
بعد غياب ما يزيد على عقد عن السينما يعود سعيد حامد إلى الشاشة الكبيرة، عقب عدد من المحاولات المحبطة خلال السنوات الماضية بين الدراما وتقليعة أشرف عبد الباقي في "مسرح مصر". عن فكرة لهنيدي، يجترّ سعيد حامد وبطله إرثهما القديم في فيلم "مرعي البريمو"، يشارك في البطولة أعضاء من الفريق القديم أيضا (غادة عادل، علاء مرسي، محمد محمود، لطفي لبيب، في أسوأ ظهور له)، وعلى الرغم من هذه التوليفة الكوميدية الناجحة لم يُسمع في صالة العرض سوى همسات المتفرّجين وصراخ البطل وفريقه في محاولة عقيمة لاستجلاب الضحك.
أخفق السيناريو بالطبع في صنع حبكة أو حتى تتابع درامي بسيط، لكن متابعي محمد هنيدي لم يبذلوا جهدا كبيرا في البحث عن أشباح شخصيات قديمة، في أفلام كثيرا ما أضحكتهم ولا تزال مثل "عسكر في المعسكر"، "همام في أمستردام"، "صعيدي في الجامعة الأمريكية"، حتى أن البطل يستعيد مؤثّرا شهيرا لمشهد قديم "كسّر الدنيا" في حينها كما يقال وكان يجمع أيضا بينه وبين غادة عادل ولكن بفارق زمني يقترب من ربع قرن، ساعدته في ذلك كثيرا موسيقى خالد حماد المكرّرة التي استدعاها من سباتها القديم بالثيمة الصعيدية نفسها. ويبدو أن إيهاب بليبل كاتب السيناريو يعتمد على منهج القص واللصق وهو ما يؤدّي دائما إلى ارتباك النص، ويمكن تلمّس ذلك بسهولة في تجاربه القليلة بين السينما والدراما ("أوشن 14"، و"مكتوب عليا"، و"كشف مستعجل"، و"جروب الماميز").
هنيدي من أكثر النجوم شهرة على مواقع التواصل الاجتماعي، ولا شك أن هناك فريقا متخصصا يدير ويضع سيناريوهات الفيديوهات والبث المباشر على صفحات النجم، الغريب أن هذه السيناريوهات –على الرغم من تلفيقها أحيانا- تقدم كوميديا حقيقية فشلت أعمال هنيدي المتتالية في تحقيقها، وهو ما يستلزم من البطل إعادة ترتيب الأدوار بين فريقه.
اجترار النجاح
في تجربة مشابهة تجتر نجاحا وهميا من ماض بعيد، يعود المطرب مصطفى قمر إلى السينما بفيلم "أولاد حريم كريم" الجزء الثاني من فيلمه الشهير "حريم كريم" (2005). السيناريو والإخراج للثنائي زينب عزيز وعلي إدريس، وهما الثنائي نفسه في الفيلم الأول وفي عدد من أفلام أخرى لقمر مثل "عصابة الدكتور عمر"، ومن فريق التمثيل القديم تشترك داليا البحيري وبسمة وعلا غانم وخالد سرحان. أما البطولة الشبابية فلعدد من الوجوه الصاعدة يأتي في مقدّمتها نجل البطل تيام قمر.
مصطفى قمر أحد أشهر مطربي جيل التسعينات من القرن الماضي، وهو جيل، على الرغم من ضعفه الواضح، استطاع الانحراف بمسار الأغنية المصرية، وربما يكون قد ساهم بشكل أو بآخر في صناعة صورتها الحالية بوهنها وعشوائيتها. فور عرض الفيلم، اشتعلت معركة غريبة بين مصطفى قمر والناقد طارق الشناوي، إذ وصفه الأخير في أحد البرامج بأنه "الفيلم الأسوأ"، ناعتا البطل بالمطرب الفاشل، وهو ما وجد صداه بالطبع على صفحات الجرائد ومواقع التواصل الاجتماعي، خصوصا بعدما ردّ قمر وتحوّل الموضوع إلى مسألة شخصية ليس للمشاهد فيها ناقة ولا جمل.