أحدث مشروع الممر الاقتصادي الذي تم الإعلان عنه خلال قمة مجموعة العشرين الأخيرة في نيودلهي قطعا مع عالم قديم، لترتسم معه معالم عالم جديد له أسسه ومفاهيمه في السياسة والاقتصاد والعلاقات الدولية.
الانتقال نحو العالم الجديد أملته سلسلة أزمات دولية وإقليمية هي وليدة سياسات القوى العظمى على امتداد القرن العشرين الذي شهد حربين عالميتين وما تلاهما من ترسيمات حدودية على أنقاض صراعات طائفية وعرقية وحرب باردة أقصت أوروبا عن ريادة العالم، وبعدها أحادية أميركية لإدارة العالم إثر تفكك الاتحاد السوفياتي.
عودة روسيا كقوة عسكرية إلى المسرح الدولي بعد انكفاء لثلاثة عقود، والصعود الاقتصادي المتسارع للصين، ومحاولتهما التموضع وترسيم حدود جديدة لنفوذهما، نسف كل إمكانات المساكنة مع الولايات المتحدة. وقد تكون الحرب الروسية الأوكرانية هي المحطة الفاصلة التي أملت على واشنطن ضرورة الانتقال إلى عالم جديد، بعد أن تيقنت واشنطن من أن قيادة العالم وفق قواعد الاشتباك القديمة أضحت متعذرة، وبعد أن أعادت أكثر من دولة صاعدة تقييم جدوى تحالفها مع الولايات المتحدة.