في مذكراته يتحدث رئيس وزراء سوريا فارس الخوري السابق (1877-1962)، عن لقائه، عندما كان نائبا في "مجلس المبعوثان"، أنور باشا، ناظر الحربية في الدولة العثمانية، في زمن الحرب العالمية الأولى. قال له الباشا إنه يخطط لتحرير مصر من الإنكليز: "مصر أمرها هيّن جدا فهي في الجيب". لا يحدد الخوري تاريخ الاجتماع ولكن من المفترض أن يكون قبل انطلاق الحملة المصرية في يناير/كانون الثاني 1915.
استغرب الخوري هذا الغرور والثقة بالظفر، وأمام العثمانيين برّية سيناء القاحلة، عليهم تجاوزها لمواجهة جيش منظم وجرار كالجيش البريطاني. وعندما سأل أكثر، عَلم أن أنور باشا سمع من أحد العارفين أن "فتح مصر" يتم سنة 1334 هجرية (1916 ميلادية) مدللا على ذلك بأن أحرف عبارة "ستفتحون مصر" تُجمع بأرقام الأبجدية 1334ه. "تفاءل القوم بهذه الآية وحسبوها تاريخا محتوما"، بحسب تعبيره.
مسكين أنور باشا، فقد صُدم بما حدث له ولجيشه في مصر، وتبين أنه لن يتمكن لا من فتح مصر ولا حتى من الحفاظ على دولته التي انهارت مع نهاية الحرب بعد سنتين. كثيرون هم الزعماء– في الماضي البعيد– الذين كانوا يعتمدون على علم الأرقام في اتخاذ قراراتهم المصيرية، ولعل أشهر من لم يكترث كان يوليوس قيصر، إمبراطور روما الأشهر، الذي حُذر من تاريخ 15 مارس/آذار- المرتبط في زمان الرومان بسوء الحظ والهلاك- وهو اليوم الذي قُتل فيه طعنا بالسكاكين من قبل أقرب المقربين إليه.