اعتبرت السنيورة جورجيا ميلوني أن "مستقبل أوروبا على المحك في جزيرة لامبيدوزا مقصد المهاجرين غير الشرعيين. هكذا تواجه الحكومة الإيطالية معضلة الهجرة وتتعرض في الوقت نفسه لضغوط اجتماعية وسياسية متناقضة بعد أحد عشر شهرا على توليها السلطة.
وتتخبط حاكمة إيطاليا الشابة- أول امرأة تتولى رئاسة الحكومة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية- وسط مناورات حلفائها المقربين، وحرصها على خط اقتصادي ليبرالي في الداخل وخيار الانتماء الأطلسي في الخارج.
وحتى اللحظة، حافظت رئيسة الوزراء الآتية من حي شعبي في روما على وحدة تحالفها اليميني وقدرتها على إدارة بلد تثقل كاهله الديون ويواجه ارتفاع الأسعار وتداعيات الحرب في أوكرانيا.
وإزاء التحولات العالمية والتحديات الداخلية وعلى أبواب الانتخابات الأوروبية عام 2024، ستكون حكومة ميلوني أمام اختبارات صعبة في بلد يشهد تاريخه على عدم الاستقرار السياسي، ولن تكون مهمة ميلوني زعيمة حزب "أخوة إيطاليا" في تدعيم شعبيتها وكسب ضواحي المدن الكبرى هدفا سهل التحقق في زمن التضخم والصعوبات الاقتصادية ومعضلة الهجرة غير الشرعية.
"الورقة الأوروبية"
قبل شهر من فوزها في الانتخابات الإيطالية في أكتوبر/تشرين الأول 2022، وصفت مجلة "شتيرن الألمانية" جورجيا ميلوني بأنها "المرأة الأكثر خطورة في أوروبا" نظرا لمواقفها المتشددة ورفضها آليات الاتحاد الأوروبي. لكن بعد تجربتها في الحكم، كشفت رئيسة الحكومة الإيطالية عن وجهها البرغماتي وعن احترامها المعاهدات الأوروبية وقواعد العمل المشترك. وبالرغم من هزات في العلاقة بين روما وبروكسل، إلا أن ميلوني، تحت ضغط معضلة الهجرة، نجحت في استخدام الورقة الأوروبية خاصة في شهر سبتمبر/أيلول الحالي.
وقد تفاقمت ظاهرة الهجرة غير الشرعية وتحولت في سبتمبر إلى "تسونامي" أغرق جزيرة لامبيدوزا بسيل من اثني عشر ألف مهاجر غير شرعي, علما أن عدد السكان في الجزيرة يبلغ ثمانية آلاف نسمة وأن قدراتها الاستيعابية نفدت.
وأدى الوضع الطارئ إلى تحرك أوروبي تضامني وقلق في آن معا، مما اضطر ألمانيا إلى التراجع عن قرار بعدم استقبال المهاجرين غير النظاميين القادمين من إيطاليا، وكذلك قام وزير الداخلية الفرنسي جيرار دارمانان بزيارة عاجلة إلى روما لبحث سبل التنسيق بعدما كان موضوع الهجرة محور توتر كبير بين البلدين في الربيع الماضي (إلى حد غياب فرنسا عن مؤتمر لمكافحة الهجرة غير الشرعية أواخر يونيو/حزيران الماضي ترأسته جورجيا ميلوني في روما).