تأتي لندن في المرتبة الثانية بعد نيويورك كثاني أكبر مركز في العالم لإدارة الأموال والأصول، وتشتهر بقدرتها على تقديم الخدمات للأثرياء الكبار وللهيئات الحكومية والشركات الكبرى في كل أنحاء العالم، ولديها خبرات كبيرة لتطوير المحافظ الاستثمارية على المدى الطويل. وبعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، تجتهد المملكة المتحدة لتعزيز علاقاتها الاقتصادية الثنائية مع مختلف دول العالم، بما فيها دول مجلس التعاون الخليجي.
في عام 2021، اجتذبت المملكة المتحدة 51 مشروعا استثماريا أجنبيا في قطاع الخدمات المالية، بقيمة إجمالية مقدارها 646 مليون جنيه إسترليني. ولا تزال تتمتع بنفوذ مالي دولي فريد. ففي عام 2020، وعلى الرغم من التحديات التي واجهت العالم في تلك السنة، ارتفع الفائض التجاري للخدمات المالية في المملكة المتحدة بنسبة 8 في المئة على أساس سنوي، ليصل إلى 63 مليار جنيه إسترليني، متجاوزا صافي صادرات الخدمات المالية للولايات المتحدة، ومتقدما على قيم الفائض التراكمي لفرنسا وسنغافورة وألمانيا وهونغ كونغ، وفقا للتقرير الأخير الصادر عن الحي المالي في لندن ووزارة الخزانة البريطانية.
وفي العام نفسه أيضا، ساهم قطاع الخدمات المالية بمبلغ 173,6 مليار جنيه إسترليني في اقتصاد المملكة المتحدة، وهو ما يشكل 8,3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
في القصر التاريخي في حي المال والأعمال في لندن، قبالة بنك إنكلترا، أجرت "المجلة" مقابلة خاصة مع عمدة حي المال نيكولاس ليونز، والذي يلعب دور السفير الدولي للمملكة المتحدة لقطاع الخدمات المالية والمهنية، ويرأس أيضا "مؤسسة مدينة لندن"، وهي الهيئة الإدارية المشرفة على الحي المالي في العاصمة البريطانية.
وأوضح في حديثه أهداف زيارته المرتقبة الى دول الخليج العربي، وهي الثانية له الى المنطقة خلال السنة الجارية، حيث سبق له أن زار في فبراير/شباط المنصرم المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، وسيزور في هذه المرة كلا من قطر والبحرين.
وأعرب ليونز عن اعتزازه بحقيقة أن المملكة المتحدة تضم أكبر عدد من الشركات الناشئة في أوروبا وأنها موطن لجامعات عالمية المستوى، وانها مصدر رئيس للخدمات المالية في العالم، وتلتزم بالتمويل المستدام والاقتصاد الأخضر، فضلا عن استثماراتها في تكنولوجيات الطاقة النظيفة.
تحتل بريطانيا المرتبة السادسة من حيث حجم الاقتصاد على الصعيد العالمي، وعلى الرغم من تباطؤ النمو الاقتصادي مؤخرا، فقد تمكنت إلى حد كبير من تجنب توقع الركود على نطاق واسع، وأظهرت مرونة غير متوقعة. وأبدى ليونز ارتياحه للأخبار الأخيرة التي تؤكد أن معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلك انخفض إلى 6,7 في المئة في أغسطس/آب الماضي، في مقابل 6,8 في المئة في يوليو/تموز. وفي حين أن هذا التراجع يعتبر مشجعا، فإنه لا يزال واحدا من أعلى معدلات التضخم في أوروبا.
اتفاق تجارة حرة مع دول الخليج
وفي العام المنصرم، بدأت المملكة المتحدة مفاوضات للتوصل إلى اتفاق تجارة حرة مع مجلس التعاون الخليجي، الذي يتكون من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر والبحرين والكويت وعمان. وتحتل دول مجلس التعاون الخليجي المرتبة السابعة بين أكبر أسواق التصدير للمملكة المتحدة. ووفقاً لإحصاءات الحكومة البريطانية، من المتوقع أن يرتفع طلب كتلة دول مجلس التعاون الخليجي على المنتجات والخدمات الدولية بشكل كبير ليصل إلى 800 مليار جنيه إسترليني بحلول عام 2035، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 35 في المئة، في تطور يقدم فرصا كبيرة لشركات إدارة الأصول في المملكة المتحدة.
وشدد ليونز على أن من شأن اتفاق التجارة الحرة أن يمهد الطريق أيضا لزيادة الاستثمار من منطقة الخليج، وبالتالي تعزيز فرص العمل في المملكة المتحدة. وتمثل هذه المفاوضات المجموعة الرئيسية الرابعة من مناقشات اتفاق التجارة الحرة (FTA) التي بدأتها الحكومة البريطانية، بعد الهند وكندا والمكسيك اثر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.