مع اقتراب الانتخابات الرئاسية التي ستجرى بعد أكثر من عام بقليل، يبدو عدد الناخبين الراضين عن تطور الأحداث في الولايات المتحدة الأميركية قليلا جدا. طبعا في الساحة السياسية الأميركية، تبدو السنة عمرا كاملا، يمكن للديناميات أن تتغير خلاله بسرعة كبيرة لتأخذ منحى جديدا تماما. لذلك، ليس من السهل التنبؤ بمسار الأحداث، ولا سيما عندما يتعلق الأمر بالمستقبل، كما أشار أحد الفلاسفة الحكماء ذات مرة.
ولكن إذا استمرت التوجهات الحالية كما هي، فإن الانتخابات الرئاسية لعام 2024 ستبدو كجزء ثانٍ لفيلم معروف تستعد هوليوود لإنتاجه، فقط لأن الجزء الأصلي منه حظي بنسبة مشاهدات مرتفعة على الرغم من أنه لم يعجب أحدا. والممثلان الرئيسان في هذا الفيلم هما جو بايدن، الرئيس الحالي، وسلفه دونالد ترمب، وكلاهما يتمتع بتقييمات منخفضة من قبل الجمهور، لكنهما يظلان– مع ذلك– في صدارة المرشحين، ويحتفظان بقبضة قوية على حزبيهما بشكل واضح.
وتظل الحبكة الأساسية كما هي، حيث يتركز الصراع الرئيس على السلطة في الدولة الأكثر نفوذا في العالم، والتي تتميز باقتصاد نشط، على الصراع الداخلي حول هوية الأمة وثقافتها. ويبدو أن المناقشات عالية المستوى حول القضايا التي تتعلق بشؤون السياسة الداخلية والخارجية، ليست محورا أساسيا بالنسبة لوسائل الإعلام ومختلف مرشحي الانتخابات في هذه الأيام. في الواقع، يبدو أن الشرق الأوسط لا يحظى بما يكفي من الاهتمام في النقاش السياسي الأميركي.
الملامح الرئيسة للمنافسة الانتخابية خريف 2023
تبدأ الحملات الانتخابية لمنصب الرئيس والكونغرس في أميركا هذه الأيام في وقت أبكر بكثير مما كانت عليه في الماضي، وهذا يميزها عن الديمقراطيات الانتخابية الأخرى التي تشهد مواسم انتخابية أقصر بكثير. بمعنى ما، فإن الحملة الانتخابية في الولايات المتحدة تبدو وكأنها عملية مستمرة لا تنتهي، وهي ديناميكية تُحرك في الغالب بواسطة وسائل الإعلام والأموال التي تُنفق على السياسة لتشويق وإثارة الأميركيين العاديين وفي كثير من الأحيان لإثارة غضبهم.
وإليكم الأمور الأربعة الرئيسة التي يمكن قولها عن شكل انتخابات 2024 التي ستجرى بعد عام تقريبا:
لا يزال دونالد ترمب يسيطر على الحزب الجمهوري؛ فبعد أشهر من الحملات الانتخابية، وإنفاق ملايين الدولارات، وعقب المناظرة الرئاسية الأولى التي شهدت تقييمات مثيرة تشبه تلك التي تشهدها بطولة كرة السلة الأميركية، فإن ترتيب المرشحين الذين يسعون للفوز بترشيح الحزب الجمهوري لم يتغير؛ إذ لا زال دونالد ترمب، أول مرشح رئاسي في تاريخ أميركا توجه إليه التهم الجنائية أربع مرات، يتصدر الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري بفارق كبير. وربما حققت نيكي هيلي، سفيرة ترمب السابقة لدى الأمم المتحدة، بعض التقدم في المجموعة التي تتنافس مع الرئيس السابق. لكن ترمب لا يزال يتمتع بتفوق كبير على الآخرين ويحظى بأكبر حصة من التغطية الإعلامية.