بعد عشرة أعوام على إطلاق مبادرة الحزام والطريق التي انبثقت عنها اتفاقيات شملت 152 دولة و32 منظمة دولية، وأرست شراكات تجارية بين الصين و25 دولة، أطلقت الولايات المتحدة "مشروع الممر الاقتصادي" لربط جنوب آسيا وأوروبا عبر الخليج العربي والشرق الأوسط، وذلك خلال قمة العشرين الأخيرة التي عقدت في نيودلهي.
وبقدر ما يمثله المشروع الجديد من نقطة تحول استراتيجية في التنمية الاقتصادية الدولية، وتعزيز للتبادل التجاري من خلال شبكة متكاملة من خطوط السكك الحديدية والممرات البحرية، فإن توقيع المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا على اتفاقية التعاون إلى جانب الولايات المتحدة يفسح المجال أمام كثير من الفرضيات التي تتجاوز الدور التنافسي لمبادرة الحزام والطريق، نحو محاولة تفكيك شبكة الشراكات الصينية مع الدول الأوروبية ودول الخليج العربي وتغيير المرتكزات الاقتصادية والسياسية للمنطقة.
في الدوافع... الدول المتضررة والدول المستفيدة
لقد دفعت تداعيات الحرب في أوكرانيا الولايات المتحدة وأوروبا إلى التحالف في مواجهة الطموحات الروسية التي تضاعفت مخاطرها مع الصعود الاقتصادي المتسارع للصين. ويمثل المشروع الجديد الذي وصفه الرئيس جو بايدن بالاتفاق التاريخي أحد أشكال المواجهة لنفوذ بكين في المنطقة، في ضوء مساعٍ غربية لتقليل الاعتماد على الإمدادات من بكين، وبالتزامن مع سعي حلفاء واشنطن التقليديين لتعميق العلاقات مع الصين والهند والقوى الآسيوية الأخرى.
يربط المشروع الأميركي بنسخته المعلنة الهند بالشرق الأوسط بحرا عبر الخليج العربي، تحت اسم "الخط الشرقي"، أما "الخط الشمالي" فيربط دول الخليج العربي بالأردن وإسرائيل عبر خطوط السكك الحديدية، ومن إسرائيل يتم الربط بحرا بسواحل أوروبا الجنوبية وتحديدا فرنسا وإيطاليا، ومنهما إلى دول وسط أوروبا وشمالها وغربها بشبكات السكك الحديدية. وسيشمل المشروع أيضا حزمة من الكابلات والألياف الضوئية وبنية تحتية من الأنابيب، بهدف تيسير عملية نقل الطاقة المتجددة والهيدروجين النظيف والنقل الرقمي للبيانات.