على غرار أي تطور بارز في عالم التكنولوجيا، ستكون للذكاء الاصطناعي، الذي يمثل تقدمه الأخير ولاسيما في المجال التوليدي أحدث القفزات التكنولوجية النوعية، آثار اقتصادية ملموسة. ومن المرجح أن نلمس بعضاً من أبرز هذه الآثار في سوق العمل، حيث تتوقع دراسات إلغاء وظائف في قطاعات معينة لكن مع إنشاء وظائف أخرى في القطاعات نفسها تتطلب المهارات نفسها بعد تطويرها أو مهارات مختلفة من الواجب تعلمها لتجنب البطالة. ويدعو خبراء اقتصاديون وتكنولوجيون هؤلاء العاملين المهددين بخسارة وظائفهم إلى تعزيز مهاراتهم أو تعلم مهارات جديدة لكي يتمكنوا من البقاء في وظائفهم بعد تعديل حقوقهم وواجباتهم أو الانتقال إلى وظائف جديدة تماماً تحمل حقوقاً وواجبات مختلفة.
في يونيو/حزيران، رجحت مؤسسة "ماكينزي" في تقرير أن يؤتمت الذكاء الاصطناعي التوليدي ما نسبته 60 إلى 70 في المئة من أعباء عمل العاملين. وهو بدأ بالفعل في التسبب بإلغاء وظائف، بلغ عددها في الولايات المتحدة خلال مايو/أيار فقط أربعة آلاف وظيفة، وفق بيانات جمعتها مؤسسة "تشالنجر غراي أند كريسماس"، ونقلت عن "أوبن إيه آي"، التي ابتكرت "تشات جي بي تي"، أن 10 في المئة من مهمات 80 في المئة من القوة العاملة الأميركية ستتأثر بالنماذج اللغوية الكبيرة (large language models, LLMs)، أي أنظمة معالجة النصوص بالذكاء الاصطناعي.
ونفذت نقابة الكتّاب الأميركية، وخصوصا الأعضاء العاملين في صناعة السينما بهوليوود، إضراباً مستمرا منذ أسابيع للمطالبة بإخضاع الذكاء الاصطناعي، ولا سيما التوليدي الذي يُنتج محتوى، إلى تنظيمات خوفاً من آثاره في عملهم، إلى جانب مطالبتهم بزيادات في الأجور وعوائد أعلى من منصات بث المحتوى. وتُعتبَر الوظائف التي تشغلها أميركيات أكثر عرضة للتأثر بالأتمتة، وذلك بنسبة 79 في المئة في مقابل 58 في المئة على صعيد وظائف الرجال، بحسب دراسة لمعهد فرانك هوكينز كينان للمشاريع الخاصة.