تطلق ثورة الذكاء الاصطناعي على غرار التطوّرات التقنية الكبرى وعودا ضخمة وتشعل كذلك مخاوف عريضة وتخلق تأثيرات قد لا يكون من اليسير تلمّس مدى عمقها وخطورتها، خصوصا أنها لا تقتصر على مجال محدّد، بل تطلق مسارا انقلابيا يطال كل مجالات المعرفة والتفكير وإنتاج اللغة والفنون وتلقيها.
حول القدرة التوليدية التي يمكنها خلق الجديد ونقل اللغة من التفكير إلى مجال التشغيل، وتحديات الكتابة والإبداع الفني، التقت "المجلة" مجموعة من الباحثين والكتاب والفنانين هم: الدكتورة منال جلولمؤسسة AI LaBوالمحاضرة في الجامعة اللبنانية الأميركية، والمدرب المعتمد في مؤسسة INVIDIAوالباحث التقني والشاعر علي شمس الدين، والكاتب والشاعر بلال خبيز، والمؤلف المسرحي والشاعر يحيى جابر، والرسام شوقي يوسف، والمؤلف الموسيقي والمغني والعازف زياد الأحمدية. في ما يأتي، تصريحاتهم كما جاءت على ألسنتهم.
منال جلول: إنتاج فني وفير
يتوالى ظهور تطبيقات مولّدة بالذكاء الاصطناعي تعنى بالفنون والتصميم والرسم والموسيقى والعمارة ويتوقع أن يظهر الكثير منها في وقت قريب، مما سيقلّل الاعتماد على الجهد البشري. سيعاني الرسامون على سبيل المثل من تأثيرات الذكاء الاصطناعي الذي يستطيع أن ينتج عملا جميلا بسلاسة فائقة في وقت قياسي في حين أن الإنسان قد يحتاج إلى أسابيع.
قد يسمح المزج بين أفكار مختلفة بالخروج عن المألوف، فيمكن للفنان أن يقدم نتاجا ضخما يتناول شبكة عريضة من المواضيع وصناعة أعمال جديدة بالكامل، لا تكون مجرّد نسخ عن أعمال سابقة لكنها ناتجة منها ومن خلالها
منال جلول
حتى الآن يمكن تمييز الأعمال المنتجة بالذكاء الاصطناعي، لكن هذه الأعمال تتمتع بمواصفات جمالية وتمتاز بإمكان الإنتاج الكمي العالي مقابل الأعمال المنتجة بشريا. لجأ الكثير من الفنانين إلى تطوير أفكارهم عبر استخدام الذكاء الاصطناعي، وقد يقوم التوجّه المستقبلي على اعتماد آلية تدمج بين المنتج البشري وذلك المولّد بالذكاء الاصطناعي، كما يمكن توليد الأعمال بعضها من بعض، إذ يمكن أن يعرض الفنان لوحتين له ويطلب من برنامج الذكاء الاصطناعي إنتاج لوحة تمزج بينهما.
يصدر عن هذا المزج عمل جديد يستمدّ مادته من عمل الفنان نفسه، أو يمكن أن يعرض عليه لوحة ويطلب منه تصميم تعديلات عليها أو تقديمها بدرجات لونية مختلفة، مما سيمكنه من صناعة نماذج عديدة وبيعها.
لا يعتمد الذكاء الاصطناعي على التوليف وحسب لكنه قادر على خلق أعمال جديدة مع التمرين. فلنعتبر أننا عرضنا عليه أكثر من مليار لوحة فهو يتعلم منها، وهذه آلية تشبه آلية التعلم البشري. الفنان يشاهد لوحات وأعمالا فنية وحين تحين لحظة الإنتاج يعرض رؤيته الخاصة وتجربته. لا شيء ينبثق من العدم والآلية نفسها يعتمدها الذكاء الاصطناعي، إنما مع قدرات تتيح له استيعاب عدد هائل من الصور واللوحات والتقنيات وفهمها.
قد يسمح المزج بين أفكار مختلفة بالخروج عن المألوف، فيمكن للفنان أن يقدم نتاجا ضخما يتناول شبكة عريضة من المواضيع وصناعة أعمال جديدة بالكامل، لا تكون مجرّد نسخ عن أعمال سابقة لكنها ناتجة منها ومن خلالها.
كلّ المدارس والتيارات الفنية قامت على كسر المناهج والأساليب السائدة، وربما تكون خلقت قطيعة مع منطقها لكنها كانت تنطلق من خطوط تعبيرية عريضة يمكن تمثل منطقها وتوظيفه في خلق تيارات ومدارس جديدة، إذ أنه يستطيع فهم التعقيدات والأساليب التي يقوم عليها أي نتاج فني وإنشاء ما يماثلها وهذا لن يكون نسخة منه بل عمل جديد بالكامل.
إذا طلبنا منه أن يكتب لنا نصا على طريقة شكسبير فسيفعل ويقدّم لنا نصا بالأسلوب الذي يكتب فيه، لكن النصّ لن يكون لشكسبير بل سيكون نصا جديدا تماما يحمل سمات أسلوبه على نحو يتخفّف من العثرات والهنات.
أما أخطار الذكاء الاصطناعي المحتملة، فتتعلق بالسيطرة على الرأي العام وتوجيهه كما هي الحال مع تطبيقات التواصل الاجتماعي، مما يمكن أن يخلق شبكات من التوجيه السياسي والذوقي الشديد التخصيص الذي يتّجه إلى مجموعات محدّدة، بناء على ميولهم وتفضيلاتهم، فهو يمتلك قدرة على تظهير ما يعجبنا من آراء وما يستهوينا في كل المجالات بأشدّ الصور إغراء لضمان الحصول على إعجابنا وتأييدنا. فيمكن رجال السياسة تخصيص المحتوى ومخاطبة الأشخاص بلغتهم، أو بشكل أدقّ بأفضل مستوى ممكن منها.
يمكن خلق خريطة سيكولوجية دقيقة للأشخاص والمجموعات وإنشاء محتوى يستجيب لكامل العناصر التي تصنع الشخصيات من تفضيلات فنية مرورا بالميول السياسية، وصولا إلى الذوق والمزاج. يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يخاطب الجماعات والأشخاص ويمكن أن ينتج محتوى مخصصا لشخص محدد، ويمكن أن ينتج محتوى لمجموعة تشترك في التوجهات، لكنه يخاطب بطريقة شديدة الخصوصية انطلاقا من كتلة المعلومات التي يعرفها، والتي يستطيع من خلال تحليلها ودراستها أن يفهمنا بشكل عميق ودقيق.
يمكن التأثير الفعال في الذوق الفني عبر خلق نماذج تعتمد على تحليل مزاج مجموعات معينة، فإذا اعتمد فنان مثل عمرو دياب في أغانيه على مخاطبة الشباب، فإن من الممكن خلق أغنيات جديدة تنسجم مع عناصر التأثير الموجودة في تلك الأغاني، وهذا من شأنه أن يحقق تأثيرا مضمونا وأكيدا مقرونا بشبكة إنتاج غزيرة ومتواصلة وبتكلفة ضئيلة.
لقد انطلقت موجة الذكاء الاصطناعي ولم يعد من الممكن إيقافها. لا أحد يقول الآن إن العمل المنتج بواسطته هو عمل إنساني. يبقى الخيار عند الناس لناحية قراراتهم في الاقتناء والذوق، وتحديد عناصر الخصوصية المطلوبة، فقد يكون من الوارد قريبا أن تصبح الأصالة هي طريقة الفنان الخاصة في توظيف ما يتيحه الذكاء الاصطناعي من إمكانات وأدوات، وخصوصا أنه يتيح وفرة في الإنتاج كان من المستحيل تخيلها في السابق.
علي شمس الدين: استقالة اللغة
الطفرة الجديدة في مجال الذكاء الصناعي هي تطوّر نوعي لكنها ليست عملية قطع مع ما مضى. التطوّر النوعي هذا هو نتاج عملية تراكمية لتقنيات بدأت مساراتها في صناعة الأبحاث الرقمية منذ خمسينات القرن ماضي وصولا إلى منتصف الثمانينات عند ابتكار تقنية الشبكات النورونية التي تطوّرت بشكل تسارعي وساهمت في تطوير محرّكات بحث "غوغل" كما في محرّكات التوصية الخاصة بـ"أمازون" وفي تمتين أواصر شبكات التواصل الاجتماعي.
تقنية "تشات جي بي تي"، أو "تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي"، تشكل سمتا جديدا يرتفع فوق كل ما مضى، أي فوق كل ما أنتجته البشرية من أدوات اتصال وتفاعل وآثار رقمية ونصوص ونتاج معرفي وضعت كلها على الإنترنت. إنه نوع من التركيب التقني للغة خارج اللغة يتشكل في نمط استنباطي يستعمل المحتويات الرقمية كمنصة دلالية آلية لتوليد المعنى. وهذا يشبه إخراج اللغة من السياسة والاجتماع.
كان الفيلسوف فيتغنشتاين قد أسرّ لنا أنّ مشاكل الفلسفة ومواضيعها تبدأ عندما تستقيل اللغة. هذه اللغة التي نعرفها يبدو أنها بدأت تستقيل مع ظهور هذا النوع من الذكاء الاصطناعي. فنحن على ما يبدو بتنا نقيم في زمن يتحوّل فيه التاريخ إلى لحظة آنية ممتدّة تعمل فيها التقنية على تحويل خصائص اللغة عبر سحب المجاز الشاعري ونقله إلى نوع من الاستنباط الدلالي.
مارغريت ماسترمان، وهي تلميذة فيتغنشتاين، كانت قد بدأت التركيز على معنى وقاموس المرادفات عوضا من النحو، ووضعت منطقا آليا لغويا لإنتاج المعاني بطريقة رياضية. وأسّست وحدة أبحاث اللغة في جامعة كامبريدج في عام 1955، وقد أثّر نتاجها هذا على الباحثين في هذا المضمار على مدار العقود التالية، في وقت كانت فيه أفكار تشومسكي بدأت تسود في ستينات القرن المنصرم، من ثم اقتراح ريتشارد مونتاغ ونظرياته حول القواعد الكونية للغة القائمة على المنطق في أوائل السبعينات.
نحن الآن أمام مشهد جديد، إذ أنه بمستطاع هذه الخوارزميات الجديدة أن تلعب دور الخادم الإلكتروني الضليع في شتى اهتماماتنا، ابتداء من تحصيل المعرفة التساؤلية مرورا بإرضاء متعنا الفردية وقتل الملل عبر تعبئة أوقات التأمل في صناعة الألعاب الرقمية والاستيهامات الجنسية، كما المعرفة العلمية
علي شمس الدين
في هذا المنحى من دراسة اللغة بدأت تمظهرات جديدة لصناعة المعنى تتشكل حول فرضية جديدة لتوزّع المعاني وتجمّعها. هذا التوجه انطلق من نظرة مفادها أن درجة التشابه الدلالي بين تعبيرين لغويين تحمل في طيّاتها دلالة على تشابه السياقات اللغوية التي يمكنها أن تولد تَلقفا آليا استدراكيا، تتظهّر فيه العبارات والجمل كمقترحات منطقية، أو بمعنى آخر بزغ نوع رياضي جديد لصناعة أنالوغية روبوتية، يتولد المعنى فيها عبر مطابقة رياضية لتركيب الجمل في سياقات متشابهة.
باختصار شديد، منذ سبعينات القرن المنصرم بدأت صناعة الخوارزميات المنطقية-اللغوية العمل في هذه النقطة، متخلّية عن المنحى الفلسفي العقلاني المثالي، الذي حكم الفلسفة لعقود، وشرعت هذه الصناعة في صياغة منطق جديد لبناء الكلام عبر توجّهات جديدة متّخذة من الواقع حيزا متعدّد الأبعاد مدعوما بأساليب إحصائية تهتم بمراقبة الوجود المشترك للكلمات مع كلمات أخرى أو تمثيلات أخرى للسياقات داخل مجموعة جمل محدّدة.
التوجهات الجملية التي أنتجت بهذه الطريقة لها خصائص جديدة استثمرت في العديد من التطبيقات، لا سيما في سياق استرجاع المعلومات التي تشكّل العمود الفقري لأنظمة محرّكات البحث المبنية على نموذج الفضاء البحثي(Vector Space) إلى يومنا هذا. لنا أن ننظر كيف يمكن لـ"غوغل" أن يقترح علينا تتمة للجمل عندما نكتب رسالة إلكترونية أو حين نشرع في كتابة جملتنا البحثية في محرّكه، أو كيف يقترح علينا "فيسبوك" أصدقاء جددا من دائرة معارفنا وتفاعلاتنا.
تستطيع الخوارزميات الجديدة إيجاد اقتراح جواب منطقي عن أي سؤال نطرحه عليها، مستنبطا من تاريخ وجود الكلمات في مرصوفة عبارات وضعتها البشرية في معرض تطور اللغة والنتاج البشري الفكري والتفاعلي ممثلا بها. وهذا تطوّر بالغ الأهمية. فما يبقى منا نحن البشر في التطوّر الرياضي عبر التمتين الأنالوغي هذا هو المواءمة بين ما نعرف وبين احتمال الممكن. هذه التقنية الجديدة ليست مشغولة بالتفكير بل بالتشغيل. وهنا تكمن أهمية هذه المرحلة. إذ أن تاريخ التقنية الحديث وخطابها الإيجابي قد بنيا على نقطة أساسية وهي الانعتاق، انعتاقنا من السلطات التي تشكلت وشكلت أفكارنا تباعا.
مع هذه التقنيات الجديدة يبدو أننا أمام انعطاف لامع في تطوّرها، فبعد الانعطافة المعرفية التي أرساها ديكارت جاءت انعطافة اللغة، فبات التوجه إليها كأداة محرّكة لتعريف الوجود، ويبدو أننا اليوم أمام انعطافة أخرى، تأخد اللغة من مدار السؤال كموضوع فلسفي لتضعها في مكان جديد، وهو التشغيل، وهذا ما يبدو تضاعفا لتصور جديد للانعتاق.
هذه مرحلة متقدمة للغاية، إذ أن قيمة العمل كانت قد تشكلت بوصفها خاصية فيزيائية اقتصادية يصرفها التفكير ومحاولاته عبر اللغة لترجمة إرادة الانعتاق، جاءت هذه التقانة في العقود المنصرمة وأخذت هذه القيمة إلى المدار السيستامي الأدائي. الآن بدأ هذا الفرع المتطور من هذه التقانة يأخذ اللغة المولَّدة رياضيا إلى مرحلة متقدمة بعد هذا المدار، حيث تُزاوج هذه التقنية بين التوليد التشغيلي للمعاني وطاقة الكسل كمحرّك للانعتاق.
خلاصنا من براثن الأفكار الكبرى كما من سلطة المشرع المتهالكة هي ما غذّى تطلعات المقاولين التقنيين الذين حولوا الكسل من قوة سالبة في عُرف الأفكار والسرديات الكبرى إلى قوة إيجابية، أرادوا له أن ينقلب على طبيعته غير الإيجابية ليصير وقود إنتاج للتجارب الرقمية، وهنا تكمن أبرز التغيرات الكبرى في طبائعنا.
بهذا تبدو هذه التقنية الجديدة واعدة لناحية تمكنها من التجاوب مع أوامر وتعليمات كانت تتطلب عمليات عدة ووقتا وجهدا لإتمامها. نحن الآن أمام مشهد جديد، إذ أنه بمستطاع هذه الخوارزميات الجديدة أن تلعب دور الخادم الإلكتروني الضليع في شتى اهتماماتنا، ابتداء من تحصيل المعرفة التساؤلية مرورا بإرضاء متعنا الفردية وقتل الملل عبر تعبئة أوقات التأمل في صناعة الألعاب الرقمية والاستيهامات الجنسية، كما المعرفة العلمية، وصولا إلى تفحص اجسامنا وعمل الأعضاء أو قصورها، والاضطلاع بمهام وقائية ودفاعية وحربية. وفي هذا قفزة كبيرة في مستويات المعرفة وبناء طرق الإدراك وصناعة ذواتنا وتغذية مداركها.
ما يميز هذه التقنيات الجديدة سرعة إتاحتها التطبيقات العملية. فثورة الإنترنت ومن بعدها الهاتف الذكي قد أنتجا قاعدة مستخدمين متمرسين هائلة موزّعة في الدول كافة، كما أن رخص الأجهزة الذكية وتوفر تقنيات الاتصال والبرمجيات الأساسية المشغلة جعلا من تمدد وتغلغل هذه التقنيات أمرا سهلا، وهذا بدوره يؤمن وجود البيانات التي يخلّفها المستخدمون خلال مسيرتهم التفاعلية والتي تشكل ركنا أساسيا في صناعة الذكاء الاصطناعي التوليدي وتطوّرها.
في هذا السياق يبدو لافتا حجم الاستثمارات التي تضعها دول الخليج العربي في هذه القطاعات. فالسعودية مثلا بدأت عبر صناديقها السيادية بالاستثمار الكثيف في هذه التقنيات في مجالات شتى بدءا من ترشيد أنظمة الفعالية السيستامية، مرورا بقطاع الصناعات المالية والمصارف إلى قطاع التعليم والتركيز الشديد على بناء مركز عالمي برمجي يعنى بصناعة الألعاب الرقمية في المملكة.
ما يؤشر إلى جدية هذا التوجه، هو افتتاح مركز رئيسي في المملكة لـ"إنفيديا" الرائدة في صناعة رقائق التشغيل المتطوّرة، التي تجعل هواتفنا الصغيرة آلات فائقة السرعة والذكاء. وأحسب أن في هذا المنحى ما هو ثوري في عالمنا العربي، فهو يؤشر إلى رغبة تتعدّى اللحاق بروح العصر إلى صناعتها. رغبة قد تعيد تعريف تاريخنا على نحو مغاير لما خبرناه في أنفسنا وفي تصوراتنا الجمعية والفردية. شيء جديد يلوح في الأفق.
بلال خبيز: عزلة الفن وتفريخ الانحيازات
طوال عقود الزمن الرقمي الماضية لم تنجح معظم الفنون في حجز مقاعد ثابتة لها في اقتصاد التواطؤ الذي يدير خيالاتنا وآمالنا وأمانينا ومشاعرنا. تكاثر الشعراء، لأن إجادة اللغة باتت شائعة أكثر مما كانت من قبل، لكن الشعر نفسه انحدر إلى محنة بتنا نتساءل مع تفشي أعراضها إن كان قابلا للاستمرار أم لا.
الرواية جنحت في بعض أبرز اتجاهاتها إلى ما يمكن تشبيهه أو دعوته بالسوبرمانية، حيث باتت شخصياتها قادرة على تغيير الفصول واستثارة العواصف، وهذا مما يشيع في روايات الواقعية السحرية على نحو لا رادّ له. الفنون التشكيلية تواجه محنة مماثلة، إذ ما الذي يريد الفنان أن يقوله ولم يُقَل من قبل، وما الذي يستطيع أن يظهره ولم تظهره ريش الرسامين الذين سبقوه أو كاميرات التصوير. الموسيقى: ما يقرر في شأنها ليس مهارات الفنانين الموسيقية، بل مهاراتهم التسويقية. باختصار إذا كانت تايلور سويفت قادرة على تحريك الاقتصاد من الركود إلى الانتعاش، فليس لأن الأرض لم تنجب مثيلة لها من قبل، بل لأن أعمالها شائعة إلى الحد الذي يسمح لها بأن تتحول إلى ما يشبه فنجان قهوة في "ستارباكس". فنجان قهوة كلنا بلا استثناء نعرف طعمه عن ظهر قلب.
لكن سطوة الذكاء الاصطناعي المرجحة لن تقف عند هذا الحد. سيبقى ثمة مشاهير طبعا، وسيبقى ثمة أثرياء. المسألة تكمن في أن انتشار هذه الموجة سيجعلنا جميعا متساوين. في العصر الرقمي الذي سبق عصر الذكاء الاصطناعي، كان في وسع مؤثر أو مؤثرة، إذا ما أوتي قليلا من الحظ وكثيرا من السذاجة أن يحقق شهرة واسعة، تدر عليه أموالا طائلة، تسمح له، أي الأموال، بأن يحافظ على شهرته التي تدر عليه أموالا طائلة. إنها دائرة مغلقة، لكنها كانت متاحة للتجربة وقد يواتي الحظ البعض، مثلما يواتي الحظ البعض الآخر ويربح جوائز اليانصيب.
لن يتغير الكثير، سوى أننا سنصبح أكثر تزمتا وأقلّ تقبّلا للرأي الآخر، ولن تعود أحذية الآخرين، أعداء ومنافسين، تتسع لأقدامنا. والأرجح أننا قد نموت ونحن ننتظر موت الذين نتمنى موتهم
بلال خبيز
مع هيمنة الذكاء الاصطناعي المرجحة، لن يعود هذا الأمر ممكنا على الأرجح. لن نكون مضطرين إلى الاستماع إلى مؤثّرة لتخبرنا إن كان سندويش الفلافل الأردني أشهى من اللبناني أو الفلسطيني. مثل ذلك أيضا، لن يخرج علينا محلل ليقول لنا إن العالم يتجه إلى حرب نووية، بدليل أنه قرأ مقالتين في صحيفتين مختلفتين تؤكدان ذلك. ثمة معطيات يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يحلّلها أفضل وسنكون أقل شكّا في ما يقول.
حسنا، لكننا لم نكن مرّة نتوخّى الصواب والدقة في متابعاتنا وقراءاتنا. نحن نستمع بمتعة إلى مبشر من مبشري "تيك توك" يؤكد لنا أن الأمبراطورية الأميركية ستزول بعد عامين ونصف العام. لأننا في قراراتنا نود ذلك حقا، وليس لأنه مصيب.
لكن الذكاء الاصطناعي هو أيضا ماكينة تفرّخ انحيازات، إن كنت تسأل بالعربية، فستدخل في إجاباته عليك كل المطويّ في هذه الثقافة وغير المعبّر عنه علانية، وإن كنت تسأل بالصينية فسيستند في إجابته إلى كل الآمال والأوهام التي تحفل بها هذه اللغة الناطقة بلسان أمبراطورية كبرى في مواجهة اللغات الأخرى التي تنطق بألسنة أمبراطوريات كبرى أخرى.
لن يتغير الكثير، سوى أننا سنصبح أكثر تزمتا وأقلّ تقبّلا للرأي الآخر، ولن تعود أحذية الآخرين، أعداء ومنافسين، تتسع لأقدامنا. والأرجح أننا قد نموت ونحن ننتظر موت الذين نتمنى موتهم.
هل كانت الفنون قبل انتشار هذه الموجة من الهيمنة بألف خير؟ أشك أننا كفنانين وكتاب ومثقفين، كنا قبل انتشار هذه الموجة نؤدّي الوظيفة التي نحسب أننا نؤدّيها. منذ عقود ونحن نعيش في أبراج مقفلة، وحواراتنا الوحيدة التي نجيدها هي تلك التي نقيمها مع أقراننا من المسجونين في مثل هذه الأبراج.
يحيى جابر: نحن في مكان آخر
نحن في مكان آخر، الذكاء الذي لدينا يختلف عن ذكاء العالم ولم نصل إلى معادلة ذكاء تتصل بالمعنى المتعارف عليه لهذا المصلح حتى يمكننا الفرز بين الأنواع وأن نقرّر إذا كنا سنتعامل مع الذكاء الاصطناعي أو غيره.
من ناحية شغلنا كمسرحيين وكتاب وشعراء في هذه المنطقة من العالم لا أعتقد أنه سيؤثر علينا.
دائما يوضع العقل البشري أمام تحديات، ومن أبرز التحديات المطروحة علينا حاليا مسألة الذكاء الاصطناعي، وعلينا أن نجد حلولا. أعتقد أن الموضوع سبق له أن طرح مع انتشار الكومبيوتر والإنترنت، لكنني أعتقد أن هناك مسافة ضوئية لا تزال تفصل بيننا وبين مسألة هيمنة الذكاء الاصطناعي، لأننا لا نزال نسيطر على الإنتاج الآلي بصورة بشرية، ولا يزال النتاج العام في كل المجالات يتّصل بالدور البشري المباشر.
المسألة اليوم هي مسألة تحدّ، فإذا استطاع شخص ما إنتاج مسرحية عبر الذكاء الاصطناعي، فسأجد نفسي مدفوعا إلى التفوّق عليه، وبذلك قد يكون عامل تحفيز، كما يمكنني النجاة من أثره بالعودة إلى ملعبي الخاص، وليقم أمبراطوريته المشيّدة على الإنتاج الوفير والسريع وحده. أمتلك مهارات خاصة في ميداني وإذا اقترح عليّ خوض معركة معه في ميدان آخر فسوف أنسحب. وقد جربت أن أطلب من برنامج ذكاء اصطناعي توليف نصّ انطلاقا من أعمالي وكانت النتيجة سخيفة.
لا أشعر بعقدة نقص ولا دونية، وأشعر بالارتياح لأننا نستطيع مواجهة هذا التطور طالما وجد بعد شاعري ومسرحي ومشروع شعري. أنا اسمي كإنسان احتمال وصيرورة وكينونة لا يمكن للذكاء الاصطناعي اكتشاف أبعادها وتحولاتها، وإذا قرر أن يكون عدوي فلينتصر عليّ إذا استطاع. لكنني أظنني قادرا على الاحتفاظ بساحتي وبملعبي الخاص، وهذا الملعب هو الذكاء الفطري العاطفي. إذا احتدمت الأمور فسأطفئ الشاشات كلها وأعود إلى الشجرة.
الجدير قوله إننا لا نعاني المشكلة نفسها الذي يعاني منها الكتّاب في هوليوود على سبيل المثل. فهؤلاء قد يكونون مهدّدين بشكل جدّي من تطبيقات الذكاء الاصطناعي لأنهم يشتغلون وفق نماذج محدّدة وفي إطار شخصيات تمتلك ملامح واضحة، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي تمثل العناصر التي تبنى عليها الشخصيات والحوارات نظرا إلى محدوديتها، وفهم الثنائيات غير المعقدة التي تقوم عليها والتي لا تتجاوز العرض التقليدي لصراع الخير والشر. بنية السيناريو عند مارفل وشركات هوليوود لا تتجاوز هذا البعد، من هنا يكون التهديد من الذكاء الاصطناعي كبيرا لأن الكتّاب أنفسهم باتوا يشتغلون بطريقة آلية واصطناعية، لذا فيمكن أن يحلّ مكانهم.
أنا اسمي كإنسان احتمال وصيرورة وكينونة لا يمكن للذكاء الاصطناعي اكتشاف أبعادها وتحولاتها، وإذا قرر أن يكون عدوي فلينتصر عليّ إذا استطاع. لكنني أظنني قادرا على الاحتفاظ بساحتي وبملعبي الخاص، وهذا الملعب هو الذكاء الفطري العاطفي
يحيى جابر
في ما يتعلق بأعمالنا، فإن الحدّ الأقصى الذي يمكن أن يصل إليه لناحية استنساخ خصائص عملنا، هو تقديم شيء قريب يمتلك بعض السمات العريضة، لكنه لن يكون عملا مكتملا أبدا وسيبقى مقيما في حيز معنى كلمة "قريب" الذي يصف المسافة، ولن يكون مسليا ومضحكا وعاطفيا.
على كل حال نحن من نولّد الداتا التي يشتغل الذكاء الاصطناعي من خلالها، والأكيد أننا نستطيع أن نقرّر مصادقته أو خداعه. إنه موجود وعدم التعامل معه هو تعريف الغباء.
شوقي يوسف: دور ثانوي للفن
لفتني حديث الناقد الفني المعروف جيري سولتز في حديثه عن عمل مولد بالذكاء الاصطناعي لفنانة من أصول تركية تدعى رفيك أنادول هو عبارة عنعمل خرج إلى النور نتيجة تحليل كلّ بيانات مجموعة"موما" أو "متحف الفنّ الحديث"، التي تضم آلاف الأعمال. نرى هذا النموذج ينتشر في المطارات وفي الكثير من الأماكن لأنه يؤدّي وظيفة ترفيهية. مع تقدّم الذكاء الاصطناعي، سيكون دور الفن ثانويا في حياة الناس وستكون حياتهم منتجة بالكامل من قبل العلوم.
العمل الخاص بي فيزيائي وحقيقي ومباشر. أستعمل القماش وألصق عليه وأستعمل السكين، وفي هذا المنطق استجابة لنزعاتي الحيوانية والبدائية التي تقرّبني من المواد والحجارة والأشجار، وغالبا ما أدخل في مساحة تجريب، في حين أنّ ما يطرحه الذكاء الاصطناعي هو تجربة ناقصة حيث يمكن أن يعمد إلى توليد عمل ينسجم مع العقلية التي أخرجت بها عملي، لكنه لن يستطيع خلق ذلك التوتر الذي يسمه، والذي يمكن ملاحظته في تلاحق القسوة والرقة في بنية المعنى المقصودة وفي طريقة العمل وكيفية ضبط الضربات واستعمال الأدوات.
أنا لا أخاف منه لكنني أخاف فقط من الناس. في مسيرتي كان الحصول على الاعتراف مسارا شاقا ومرعبا. المنافسة الفعلية هي بين الناس، فإذا جاء الذكاء الاصطناعي وقمعنا جميعا فإن الأمر سيكون جميلا وممتعا، تلك الديكتاتورية حين تمارسها التقنية وتفرضها على الفنون وعلى مختلف أشكال العيش والتعبير، ستكون في نظري أقل وطأة من كل أنواع الديكتاتوريات البشرية، لأنها ستوازي بيننا في القمع.
المنافسة الفعلية هي بين الناس، فإذا جاء الذكاء الاصطناعي وقمعنا جميعا فإن الأمر سيكون جميلا وممتعا، تلك الديكتاتورية حين تمارسها التقنية وتفرضها على الفنون وعلى مختلف أشكال العيش والتعبير، ستكون في نظري أقل وطأة من كل أنواع الديكتاتوريات البشرية، لأنها ستوازي بيننا في القمع
شوقي يوسف
لا أنكر ذلك الإغواء الكبير للسهولة الذي يطرحه علينا الذكاء الاصطناعي، والذي قد يغيّر وجهة نظرنا لناحية إنتاج العمل الفني، لكن السؤال إلى أيّ درب سيجرّنا التفاوض الذي لا بد منه معها والذي قد يكون الامحاء الكلي. لا أجد مشكلة في هذا المصير. الفنانون حاليا يميلون إلى إظهار أنفسهم وكأنهم ضرورة قصوى بينما الحقيقة هي أن لا أحد يبالي بهم وبالفن. لا أخشى التلاشي ولست من الذين يريدون أن يرفعوا لافتات مكتوبا عليها أنا فنان ولا يكفّون عن استعراضها.
إذا صار الذكاء الاصطناعي هو السلطة، كل السلطة، فأنا أرفض دفع الثمن الغالي الذي يتطلبه التعامل معه. كل ما أرغب فيه أن أتفق معه بعد المفاوضات على أن لا يحاول شرائي أو إهانتي وأن يتركني وشأني.
زياد الأحمدية: سطوة الإحساس
تتعلّق حدود الذكاء الاصطناعي بالحسابات والتقديرات ويمكن أن يقدّم اقتراحات وربما يكون فعالا في المجالات التي تتطلّب السرعة والمرتبطة بالتسويق. يمكن استخدامه في توليد صيغ موسيقية في الإعلانات أو في أطر محدّدة.
إنه يحلّل ويبني على أساس البيانات (الداتا) التي يحفظها، لكن أساس العمل الموسيقي يبقى خاضعا لاعتبارات الذوق الإنساني. نكتب اليوم عملا موسيقيا على الكومبيوتر عبر نماذج تحاكي الصوت الفعلي والحقيقي، ولكن على الرغم من ذلك فإن مسافة كبيرة تفصله عن العمل نفسه عند عزفه وتقديمه، ويمكن لأيّ مستمع ملاحظة الفرق بينهما.
لم يصبح الذوق الفني عند الناس أسيرا للتطور التكنولوجي بعد. لا تزال خصوصية الأداء المباشر تجتذب الناس، ولا تزال الحفلات التي تقام في كل أنحاء العام تلقى تفاعلا ضخما من جمهور يتحمّس لخوض تجربة التفاعل مع فن حيّ يقدمه أصحابه. يمكن الوثوق بالمنتج التقني في ما يخصّ الدقة والضبط، إذ يمكن أن تطلب منه القيام بوظيفة ما فيؤدّيها من دون أخطاء، ولكن ذلك المنطق الكمالي يناقض طبيعة البشر التي لا تحتمل الكمال لأنه عمليا ليس سوى نهاية للتجربة وإمكاناتها.
تسمع سوناتا البيانو لبيتهوفن من عشرة عازفين مختلفين فتتلقى مجموعة من القراءات المختلفة والأداءات المتنوعة، ذلك أن كل عازف يعرضها بتأويله الخاص وانطلاقا من إحساسه الشخصي. لو طلبت من الذكاء الاصطناعي أن يقدّم هذه المقطوعة، سيقترح أو يعرض عزفا متقنا خاليا من الأخطاء لكنه بلا إحساس، فهو لا يعرفه ويمكنه فقط التعامل مع المعلومات والبيانات.
لن يُلغى دور المؤلفين والعازفين الموسيقيين إلا إذا خلقنا جمهورا روبوتيا. الإبداع الفني يحتوي على ما هو فائض على الصحيح والدقيق، فهو مختلف في طبيعة تكوينه. يمكن توليد موسيقى وتوليف أعمال موسيقية لكن الفرق بينهما يشبه الفرق بين الأشغال اليدوية وتلك المنتجة صناعيا. لا يزال المنتج اليدوي متمتعا بقيمة عالية في حين ينظر إلى المنتج المولد صناعيا على أنه وظيفي واستعمالي واستهلاكي. العمل اليدوي بغض النظر عن طبيعته لا يزال يحمل قيمة فنية.
الذكاء الاصطناعي يبني وفق نماذج محسوبة ومنظمة ويقوم بتكرارات أشبه بشغل المصانع حيث تصنع السيارات مثلا وفق نموذج مبرمج ولا يحتمل الخطأ في حين أن العمل الفني يولد من التجربة.
لا أنكر قدرة الذكاء الاصطناعي على توليف أعمال فنية بكثرة لكنه إذا كان قادرا على أن ينتج أعمالا موسيقية بغزارة كبيرة فإن الشك لا بد أن يتطرق إلى قيمتها وجماليتها، وإذا كان يقدّم اقتراحات تأليفية فمن الذي سيقوم بتنفيذها وهل ستخرج إلى النور على أيدي عازفين، واذا حدث ذلك فهل ستكون إنتاجا صناعيا؟ لا أعتقد أن أي عمل ينتجه الذكاء الاصطناعي سيكون مؤثرا بقدر ما هو العمل البشريّ.
لا أنكر قدرة الذكاء الاصطناعي على توليف أعمال فنية بكثرة لكنه إذا كان قادرا على أن ينتج أعمالا موسيقية بغزارة كبيرة فإن الشك لا بد أن يتطرق إلى قيمتها وجماليتها، وإذا كان يقدّم اقتراحات تأليفية فمن الذي سيقوم بتنفيذها وهل ستخرج إلى النور على أيدي عازفين، واذا حدث ذلك فهل ستكون إنتاجا صناعيا؟
زياد الأحمدية
توقفت معظم شركات الإنتاج في لبنان، مثلا، عن توكيل موسيقيين بتأليف موسيقى تصويرية للمسلسلات وصارت تلجأ إلى المكتبات الموسيقية الموجودة على الإنترنت وتنتقي مقطوعات تعجبها لحفظها وتدفع سعرا زهيدا مقابلها وتُوظّف في المسلسلات من دون تردد. تقل تكلفة الإنتاج في هذه الحالة لكن التأثير السلبي يطال العمل ككل. تلك الموسيقى قد تكون لائقة للمسلسل لكنها لم توضع له ومن أجله وليست جزءا من نسيجه،. مؤلفها ليس متفاعلا مع اللحظات التي يحاول المسلسل تظهيرها، ولا يمكن لهذه العملية أن تحلّ محلّ التأليف المرتبط بالعمل والمصمّم من أجله.لو كان الأمر غير ذلك لما شهدنا كيف تعمد هوليوود الى توكيل مؤلفين موسيقيين للأفلام وتسجّل الأعمال عبر فرق موسيقية كبيرة تكلف مئات آلاف الدولارات.
عندما نستمع إلى أغنية لأم كلثوم على سبيل المثل تعيد فيها المقطع ثلاث مرات أو أكثر وفي كل مرة تعطي عُربة جديدة أو تقدم تحليلا جديدا للجملة، تميعها قليلا، تطربها قليلا فيجنّ المستمعون، فتعمد إلى إعادتها بأسوب آخر. هذا التلقي مبني على تراكمات ذوقية عمرها آلاف السنين فهل يمكن للذكاء الاصطناعي صناعة ما يوازي تلك اللحظة؟
لا أعتقد أنه قادر على توليد أو موازاة ما يولد مباشرة خلال الأداء من موسيقى وغناء مثل التقسيمة التي هي عبارة عن تأليف فوري لما يريد الموسيقي أن يقدمه عبر آلته سواء كانت عودا أو نايا أو كمنجة أو أية آلة. تلك اللحظة بنت الانسان وحضوره ومزاجه ولا يمكن موازاتها أو استبدالها.