اليوم الوطني السعودي الـ 93... هيا نحتفلhttps://www.majalla.com/node/300336/%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF-%D9%88%D8%A3%D8%B9%D9%85%D8%A7%D9%84/%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B7%D9%86%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%80-93-%D9%87%D9%8A%D8%A7-%D9%86%D8%AD%D8%AA%D9%81%D9%84
مرّ العالم في السنوات الأخيرة ولا يزال، بأزمات اقتصادية استطاعت المملكة العربية السعودية إدارتها بحكمة. فبينما تأثرت كبريات الاقتصادات من جراء هذه الأزمات، نجحت السعودية، التي أثبتت أنها مملكة الحكمة قبل أن تكون مملكة النفط والطاقة، في أن تعمل بخطى ثابتة نحو المستقبل، وأن تتجاوز كلّ التحديات.
أحدثت جائحة "كوفيد-19" صدمات اقتصادية في العالم أجمع، إلا أن برامج رؤية السعودية 2030 ومبادراتها استمرت وساهمت، جذريا، في تعزيز الحوكمة، والشفافية، وتطوير السياسات، والإجراءات، وسد الثغر التي يمكن أن ينفذ منها الفساد، وقياس الأداء، وإعادة هيكلة بعض الأجهزة الحكومية، وهو ما يعدّ إنجازا عظيما لرؤية 2030.
كما أظهرت شفافية هذه الرؤية نضج إدارة الموارد المالية، فتصدرت المملكة قائمة الدول الأعلى نموا، والأكثر متانة اقتصاديا، والأعلى أمانا، كما ذكر تقرير صندوق النقد الدولي، مما مكّنها من لعب دور محوري في قمة مجموعة العشرين، وهذا فضلاً عن أنها سادس أفضل دول العالم في مؤشر الأداء الإقتصادي، كما أن اقتصادها هو الأكبر في الشرق الأوسط، علاوة على أنّها صمام الأمان العالمي للطاقة.
أظهرت شفافية الرؤية نضج إدارة الموارد المالية، فتصدرت المملكة قائمة الدول الأعلى نموا وامانا، والأكثر متانة اقتصاديا، كما ذكر تقرير صندوق النقد الدولي، مما مكّنها من لعب دور محوري في قمة مجموعة العشرين
تحتفي السعودية بـ"اليوم الوطني" الـ93، في وقت تقود فيه مشهد الطاقة العالمي، وتشكّل محور الإقتصاد العالمي. وإذا كنا لا نستطيع حصر جميع إنجازات السعودية، بعد مرور سبع سنوات على إطلاق رؤية السعودية 2030، في مقال واحد، فإنه لا بدّ من التوقف عند كون "العلاج من الإدمان النفطي"، أصبح أكثر فاعلية.
وكان ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان أطلق عبارة "الإدمان النفطي" في أبريل/نيسان 2016، ولم نستوعب معناها وقتذاك، ولكن الآن نستطيع أن نراها متجسدة على أرض الواقع.
"رؤية السعودية 2030 ستنطلق سواء بارتفاع أسعار النفط أو بانخفاضها"، "في عام 2020 لو النفط توقف نستطيع أن نعيش"،هاتان جملتان قالهما ولي العهد حينها، وكأنه يستشرف المستقبل، وبالفعل هبط الطلب العالمي على النفط هبوطا حادا، انخفضت معه أسعار النفط إلى السالب للمرة الأولى في التاريخ.
وأتت جائحة "كوفيد- 19" بمتاعبها الصحية وتحدياتها الاقتصادية للعالم كلّه، لكنّ الممكلة حوّلت الأزمة إلى فرصة لتأكيد صدقية كلمات سمو ولي العهد وموثوقيتها، خصوصاً بالنسبة إلى "العلاج من الإدمان النفطي"، في وقت شهدنا تقلبات أسعار النفط بسبب الظروف القاهرة التي عاشها العالم، وكلّ ذلك كان مصداقا على حسن الإدارة المالية السعودية، وتجسيدا واضحا لنجاح استراتيجيات رؤية 2030، حتّى في ظلّ الظروف الإستثنائية.
الإصلاحات الاقتصادية لرؤية 2030
من الجلي أنّ الشفافية التي طبعت مرحلة التصحيح الشامل للاقتصاد السعودي، جعلت من إعلان الموازنة السنوية للمملكة محط أنظار العالم، لأنها أصبحت مرجعا يُحتذى في التصحيح الاقتصادي وتحقيق نتائج مبهرة على أرض الواقع. الموازنة العامة السعودية أصبحت حدثا تتجه إليه الأنظار، لا لكونها حدثا سنويا يُنتظر محليا واقليميا وعالميا وحسب، بل لأنها المؤشر الأمثل إلى قياس درجة الإنفاق والعائدات التي ساهمت رؤية السعودية 2030 في رفع شأنها وتنشيطها.
فمع تفعيل أهداف رؤية 2030، بدأت الموازنة العامة للمملكة تُخفِض، تدريجا، اعتمادها على النفط للوقاية من تقلبات أسعاره، بينما كان الركون إلى تقديرات أسعار النفط، قبل رؤية 2030، أساسياً في وضع الموازات المالية السعودية، وقد شهدنا تقلبات واضحة في أسعار النفط خلال السنوات الماضية، وهو ما كان سيحدث إرباكا كبيرا في الموزانة السعودية، لو لم توضع إصلاحات الرؤية الاقتصادية موضع التنفيذ.
الانعتاق التدريجي لموازنات المملكة من تقلبات أسعار النفط، بالتوازي مع الخفض الممنهج للإعتماد على الإيرادات النفطية، لم يحُل دون المزيد من إنفاق الموازنات المالية، منذ انطلاق رؤية 2030، لدعم المشاريع الضخمة لتعزيز الإيرادات غير النفطية وتنويعها؛ إذ انخفضت، بالفعل، الإيرادات النفطية، ولكن ذلك لم يؤثّر على الإنفاق الحكومي كما في السابق، بل انعكس إيجابا على مراعاة ضبط الإنفاق، وتحسين كفاءة الإيرادات الحالية؛ وهذا يعني أن السعودية تخطو بخطى ثابتة لتحقيق رؤيتها، وقد دخلت مرحلة متقدمة من مراحل "العلاج من الإدمان النفطي"، لأنها أصبحت تتمتع بنضجٍ كاف، وتخطيط مدروس في إدارة الموارد المالية، مما يؤكّد العمق الإستراتيجي للرؤية.
قيادة المملكة للأزمات... وحكمتها
كلّما مرّ العالم بأزمات وتحديات اقتصادية من جراء اختلال ميزان العرض والطلب في أسواق النفط، الذي يعدّ السلعة الأكثر أهمية، كانت المملكة تدير هذه الأزمات بحكمة جعلت حتّى كبريات الاقتصادات العالمية تعترف بنجاعتها.
فالسعودية تعمل بخطى ثابتة نحو مستقبل مستدام للطاقة، وقد حازت، بجدارة، ثقة أسواق النفط العالمية، من خلال جهودها الحثيثة لتأمين استقرار الاقتصاد العالمي، ودورها الريادي والمحوري في تحقيق توازن الأسواق. حتّى أنّ الهجمات المؤذية على المرافق النفطية السعودية في السنين الأخيرة، لم تحل دون حفاظ المملكة على توازن الأسواق، واستدامة الأسعار التي يحتاج إليها المنتجون والمستهلكون. وبينما كانت مثل هذه الأحداث تخلّ، ماضياً، بتوازن السوق وتتسبّب باضطرابات كبيرة، أثمرت جهود المملكة المتواصلة لتعزيز التهدئة في الأسواق وإزالة حالة عدم اليقين.
المملكة الموثوق بها
السعودية ليست أكبر مصدّر للنفط وحسب، بل هي الأكثر موثوقية في تصديره، وبلا منازع. فموثوقيتها في إلتزام الإمدادات لعملائها حققت الطمأنينة والتوازن في أسواق النفط، وأمنت احتياجات الطلب العالمي المتزايد على النفط.
فوفاء المملكة بالتزامها الدائم تجاه الطلب العالمي على النفط مؤشر لا يمكن إغفاله، وهو يدلّ على أنّ مشاريع المنبع في السعودية، وعلى الرغم من الإنخفاض الكبير في أسعار النفط أثناء الجائحة، لم تتأثر مثل بقية الدول، كما أن متانة قواعد العمل في هذا القطاع أقوى من أن تتأثر بأي تغيّر عابر. ذلك أنّ المملكة تظل المنتج الأقوى، والركن الأمين، والملاذ الآمن، لكل ما يتصل بقطاع النفط والغاز، ولم يحصل أن ضعفت أو تراخت قط في التزامها تجاه تزويد العالم النفط، واستقرار أسواقه، والمساهمة المستمرة والواعية في دفع عجلة التنمية حول العالم.
المؤشرات كلّها إيجابية ... المملكة تتصدر قائمة الدول الأعلى نموا، والأكثر متانة اقتصاديا، والأعلى أمانا "العلاج من الإدمان النفطي"، أصبح أكثر فاعلية
وعند الحديث عن التضحية سواء من جانب منتجي "أوبك"، أو منتجي "أوبك بلس"، فإن أحدا لم يضحِّ مثلما ضحّت السعودية، ومن دون منازع؛ فهي تحمّلت العبء الأكبر من خفوضات "أوبك بلس"، منذ مطلع العام 2017، فكانت نسبة خفض إنتاجها إلى مجموع خفض أعضاء المجموعة 41 في المئة، علماً أنّ نسبة إنتاجها من إجمالي إنتاج أعضاء "أوبك" هو 31 في المئة، لذلك فإن دورها هو الأكبر حتى منذ ما قبل الجائحة، وفي مختلف الظروف التي مرّت بها أسواق النفط، وهي قادت تحالف "أوبك بلس" للإتفاق على الخفض التاريخي للإنتاج أثناء الجائحة، بنحو 10 مليون برميل يوميا، بالرغم من أن إنتاجها وصل، وقتذاك، إلى ذروته عند 12،3 مليون برميل يوميا، وبالتالي لا يمكن لأحد أن يلعب دور المُضحّي، بينما الجميع جنى ثمار جهود المملكة وتضحياتها.
نجاح تاريخي لطرح "أرامكو"
على الرغم من الهجوم الإعلامي الخارجي الممنهج ضدّ طرح شركة "أرامكو"، والتقييم المجحف لقيمتها السوقية على مدى ثلاث سنوات، نجح طرح "أرامكو"، وتحقّقت رؤية المملكة واستراتيجيتها الحكيمة وبعد نظرها على يد خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، وفي التوقيت الذي يُعتبر الاكتتاب فيه مناسبا. وهذه نظرة استراتيجية واعدة قبل أن تكون نظرة استثمارية ربحية. ووصلت القيمة السوقية لـ"أرامكو"، بعد بداية التداول، إلى 2 تريليون دولار، وذلك خلافا للتقييمات المجحفة من بعض المنظّرين حول العالم.
فشمول إصلاحات الرؤية طرحَ جزءٍ يسير من "أرامكو" أتى في وقت مفصلي تحتاج فيه الشركة لتأمين مستقبلها، لأنّها لم تعد منظومة معزولة عن محيطها الخارجي، بعيدة عن الرقابة والتقييم المستمر؛ وأخيراً فُتح الصندوق الأسود، كما وعد ولي العهد.
وأصبح من الجلي أنّ الهدف من طرح جزء يسير من "أرامكو" كان ضمان ديمومة هذا العملاق وصقله بالحيوية والكفاءة المطلوبتين، وهذا لا يتحقّق إلا إذا ظهرت "أرامكو" كشركة تجارية طبيعية، بقوائم مالية معلنة، وقيادة إدارية محترفة تعي تماماً أنّ هناك من يتابعها بدقة، ومجلس إدارة مستقل، وجمعية عمومية تقيّم وتتابع، وهو ما يجعل الشركة تهتم أكثر بنوعية طاقمها الإداري ومخرجاته.
المؤشرات كلّها إيجابية على أن استراتيجيا المملكة لتنويع مصادر دخلها، تسير وفق المأمول لها بفضل رؤيتها الطموحة، إذ تمكّنت السعودية بالفعل من خلق نوع من التنوّع الاقتصادي، وفقاً لما أوضحه سمو ولي العهد، أخيراً، أن الحكومة السعودية تعمل جاهدة لتنويع اقتصاد المملكة، وهو ما استدعى إعادة هيكلة واسعة للاقتصاد السعودي بهدف تعزيز الإيرادات غير النفطية.
والحال هذه، بلغت الإيرادات غير النفطية في موازنة السعودية خلال العام 2022، نحو 32 في المئة من الإيرادات الإجمالية للمملكة. ويعود ارتفاع الإيرادات غير النفطية، في الدرجة الأولى، إلى الإستمرار في تنفيذ برامج الإصلاح الإقتصادي وتنويع مصادر الدخل بعيدا من النفط، وذلك من ضمن برامج رؤية السعودية 2030.
مشاريع اقتصادية وتنموية
ليس صدفة أن السعودية هي اليوم الدولة الأعلى تحقيقا للنمو الاقتصادي في مختلف المجالات، وذلك وفق تصنيفها في قائمة الدول التي ستقود النمو الاقتصادي العالمي، بل ذلك كان نتيجة عمل دؤوب جاء بعد تخطيط مدروس لرؤية يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز.
وفي كلّ عام تزيد المحصِّلة الإستراتيجية للعديد من المشاريع التي تشمل كل مناطق المملكة، ومنها المدن المتوسطة والمحافظات، ولذلك تشهد السعودية هجرة عكسية من المدن الكبيرة إلى المدن المتوسطة، وهو ما يخدم التنمية الاجتماعية والاقتصادية والصناعية، وبناء عليه يكون المواطن السعودي في كلّ مناطق المملكة هو المستفيد الأول، حيث يشعر بالخير والنماء والتطوير، بينما الاقتصاد العالمي يعاني الأمرَّين.
إنّ صناعة التنويع الاقتصادي وخلق الوظائف ما كانا ليتحققا لولا المشاريع الإقتصادية والتنموية الضخمة في مناطق المملكة كلها، ومنها مشروع "نيوم"الذي أطلقه سمو ولي العهد، والذي يركّز على تسعة قطاعات استثمارية متخصصة تستهدف مستقبل الحضارة الإنسانية، ومشروع "القدية" الذي يوفّر دعما مهما للاقتصاد الوطني، وينافس مدنا أخرى في المنطقة مما يعزِّز الإقتصاد المحلي، ومشروع البحر الأحمر الغني بثرواته الطبيعية والبيئية، والذي يوفّر تجربة فريدة في المنطقة تنافس مثيلاتها حول العالم، وغير ذلك من سلاسل النماء الإقتصادي السعودي المزدهر، والذي لن ينضب أبدا.
سادس أفضل دول العالم في مؤشر الأداء الإقتصادي، كما أن اقتصادها هو الأكبر في الشرق الأوسط، اضافة الى أنّها صمام الأمان العالمي للطاقة
مرة أخرى، وعلى الرغم من الأسعار المنخفضة للنفط والاقتصاد العالمي المنحدر، فإنّ المملكة ماضية قدماً في تنفيذ واجبات المرحلة، وكل ما يدعم متطلبات تطبيق رؤية 2030 لتقوية اقتصادها وتنويع مصادر دخلها، وتوفير كلّ الإمكانات التي تضمن التحوّل الوطني نحو المكانة التي تستحقها المملكة بين مصاف الدول الكبرى المؤثرة، ليس في محيطها الإقليمي فحسب، بل على مستوى العالم.
إلى ذلك فإنّ التعداد السكاني يُعدّ أمرا حيويا لأي حكومة لاتخاذ قرارات التنمية المستدامة التي تلبي احتياجات الحاضر من دون المساس باحتياجات أجيال المستقبل؛ وفي هذا السياق فإنّ 63 في المئة من السعوديين هم تحت سنّ الثلاثين، وهذا ما جعل التنمية المستدامة أحد أهداف رؤية السعودية 2030، إذ تسعى المملكة إلى تنويع اقتصادها بما يتجاوز صادرات النفط، وخلق فرص عمل مستقبلية بما في ذلك تطوير اقتصاد قائم على المعرفة والتنويع الجغرافي للنمو، وبالتالي فإنّ السعودية تؤسّس لمرحلة ما بعد النفط من خلال تقوية عدد من القطاعات الإقتصادية المهمة، كالسياحة، والترفيه، والرياضة، وكلها قطاعات تحاكي متطلبات الأجيال المقبلة التي قد تختلف عن المتطلبات النمطية للأجيال السابقة، والتي كان النفط محور إقتصادها.
رؤية تحفّز الابتكار
إن رؤية 2030 تمتلك خريطة طريق واضحة مؤداها أن تعتمد السعودية مستقبلاً على الإستثمارات، والطاقات الشبابية، والسياحة، والاقتصاد غير النفطي، كما أنّ الابتكار والتكنولوجيا هما من المقوّمات الأساسية لتحقيق هذه الرؤية، إذ تركّز الحكومة السعودية على تمكين روّاد الأعمال، وتعزيز استثمارات الشركات الخاصة والعامة لتطوير القطاع التقني، وخلق بيئة محفِّزة لتعزيز الإبتكار بهدف تعزيز مكانة المملكة كإحدى الدول العشر الأولى على مؤشر التنافسية العالمية، في حلول العام 2030.