مرت 9 سنوات، على احتلال ميليشيا جماعة "أنصار الله" الحوثية عاصمة اليمن صنعاء في 21 سبتمبر/أيلول 2014، منقلبة على مقررات الحوار الوطني بين القوى السياسية اليمنية في أعقاب انتفاضة اليمنيين على نظام الرئيس علي عبدالله صالح عام 2011.
أخضعت الميليشيا الحوثية صنعاء ودمرت مؤسسات الدولة اليمنية، وتابعت مسيرتها الحربية على محافظات اليمن ومدنه: حاصرت تعز ودمرتها، جوعت أهلها وهجرت معظمهم. ثم هاجمت عدن في أقصى الجنوب اليمني، لكن أهلها وأنصار "الحراك الجنوبي" وتحالف القبائل وقوات الشرعية المدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية، تمكنوا من صدها وردها على أعقابها.
انقلاب المعاني
منذ احتلالها قبل 9 سنوات تُعتبر صنعاء منكوبة. وسوى الجماعة الحوثية، يعيش اليمنيون في المناطق التي تسيطر عليها الميليشيا الانقلابية في ظل أحكام الطوارئ وعسفها اليومي: اغتيالات، اعتقالات، عزل كيفي وتعسفي من الوظائف الحكومية، انهيار اقتصادي، تدهور مستمر في جميع مناحي الحياة والخدمات، فقر وجوع وتهجير وهجرات خارجية... واستلهم اليمنيون ما حل بالشعب الفلسطيني سنة 1948، فأطلقوا على سيطرة الحوثيين على صنعاء تسمية "النكبة".
أما الحوثيون فيحتفلون بهذه المناسبة السنوية، معتبرين إسقاط الدولة اليمنية واستيلاءهم على عاصمتها محطة في "المسيرة القرآنية" و"الاستحقاق الإلهي" اللذين أطلقاهما في تسعينات القرن الماضي من معقلهم الجبلي في صعدة (240 كلم شمال صنعاء).
يعيش اليمنيون في المناطق التي تسيطر عليها ميليشيا الحوثي الانقلابية في ظل أحكام الطوارئ وعسفها اليومي: اغتيالات، اعتقالات، وعزل من الوظائف الحكومية، وانهيار اقتصادي، وتدهور مستمر في جميع مناحي الحياة والخدمات، وفقر، وجوع، وتهجير، وهجرات خارجية.
وتشبه مسيرة الوعود الحوثية الوعود التوراتية المزعومة لـ"شعب الله المختار" والحركة الصهيونية التي سممت المشرق العربي منذ استيلائها على فلسطين، وتسميتها تشريد الشعب الفلسطيني "حرب الاستقلال" وتأسيس الدولة الصهيونية اليهودية. وينسج الحوثيون أيضا على منوال "حزب الله" الخميني والحرس الثوري الإيراني في لبنان. فذاك الحزب سمى سيطرته على لبنان واللبنانيين، وتدميره دولتهم ومؤسساتها وحروبه الداخلية والخارجية "انتصارات إلهية" و"وعودا صادقة".
في هذه المناسبة اليمنية (احتلال الحوثيين صنعاء) وفي محاولة منها استقراء حاضر اليمن وربطه بماضيه القريب، التقت "المجلة" في باريس الباحث الأنثروبولوجي الفرنسي والخبير في الشؤون اليمنية فرانك مرمييه. والتقت أيضا باحثا يمنيا يقيم متنقلا بين العاصمة الفرنسية وصنعاء. وقد تحفظ عن ذكر اسمه حفاظا على سلامته.
فرانك مرمييه
وصل مرمييه (1958) إلى مدينة تعز في اليمن الشمالي سنة 1979. كان في ريعان شبابه، وحائزا على دبلوم في اللغة العربية من معهد اللغات والحضارات الشرقية في باريس. رغبته في التعرف إلى بلاد غريبة تمكنه من إجادة التكلم بالعربية، وتفضيله الخدمة المدنية بديلا عن الخدمة العسكرية الإلزامية في الجيش الفرنسي، حملاه على اختيار عمل إداري في بعثة طبية فرنسية إلى اليمن.
مكث في تعز حتى سنة 1981، وبعد دراسته الأنثروبولوجيا أقام في صنعاء باحثا في المركز الفرنسي للدراسات اليمنية من 1983 إلى 1986. وفي عام 1989 أنجز بحثه لشهادة الدكتوراه في الأنثروبولوجيا الاجتماعية عن المجتمع الحضري الصنعاني، وصدر ككتاب سنة 1997، تُرجم إلى العربية في عنوان "شيخ الليل: أسواق صنعاء ومجتمعها". وصدر في طبعتين (سنة 2005 و2021، "دار الفرات"، بيروت) حيث أقام مرمييه باحثا في قسم الدراسات المعاصرة في "المعهد الفرنسي لدراسات الشرق الأدنى" (2002- 2009).
وحدة تنطوي على شقاق
صدرت الحركة الحوثية- حسب رواية مرمييه- عما سمي "منتدى الشباب المؤمن" الذي تأسس سنة 9019 أو 1992 في صعدة، موطن أكبر تجمعات المذهب الزيدي في اليمن. كان الحفاظ على المذهب هدف الحركة الشبابية. وهي تذرعت في انطلاقها بإقدام الشيح مقبل الوادعي على إطلاق دعوة سلفية في دماج القريبة من صعدة، وربما استلهمت منها دعوتها ونشاطها. وقد دمر الحوثيون "دار الحديث" الذي كان يرأسه آنذاك الشيح يحيى الحجوري بدماج في طريق زحفهم نحو صنعاء سنة 2014.
وكان بدر الدين الحوثي (1926- 2010) من علماء الزيدية ويدرس مذهبها لشبان الحركة الناشئة. وسنة 1990 أتاحت الوحدة بين شمال اليمن وجنوبه مجال التعدد السياسي والانتخابات التشريعية في البلاد. لذا تحولت حركة الشباب الزيدية إلى "حزب الحق" بصفته الممثل "السياسي" لأهل المذهب الزيدي. وفي سنة 1993 فاز حسين بدر الدين الحوثي (1960 -2004) في الانتخابات البرلمانية ممثلا "حزب الحق". لكنه سنة 1997 تخلى عن الترشح للنيابة، وانصرف إلى تأسيس مدارس دعوية دينية للمذهب. وهذا بعد ما رحل ووالده بدر الدين إلى إيران ولبنان، فاتصلا بالملالي الإيرانيين وبمشايخ "حزب الله"، قبل أن يتحصل حسين الحوثي على شهادة في العلوم الشرعية في السودان.
وبعدما آلت الرئاسة في اليمن الشمالي إلى علي عبدالله صالح (1942- 2017) سنة 1978، وعقد اتفاق الوحدة مع اليمن الجنوبي سنة 1990، حكم صالح اليمن الموحد بالحرب بعد 1994، بواسطة شبكات عسكرية (محورها الحرس الجمهوري) وسياسية- اقتصادية (ركيزتها قبائل شمالية و"حزب المؤتمر الشعبي العام" الذي أسسه وجمع فيه محاسيبه والموالين له).
وكان الفريق علي محسن الأحمر المقرب من "حزب الإصلاح" الإسلامي الإخواني وراعيه، من أركان نظام الرئيس صالح أيضا. وحسب مرمييه أدى توسع نفوذ الحركة الحوثية ودعوتها المتشددة بميلها إلى التشيع الإثنى عشري داخل المذهب الزيدي، أديا إلى تصادمها مع نظام الرئيس صالح ورهطه وجيشه ابتداء من عام 2004.
وفي ذاك الصدام الأول قتل حسين بدر الدين الحوثي، فتولى شقيقه الأصغر عبدالملك (1979- ...) قيادة الحركة التي تجددت بينها وبين الجيش النظامي معارك متناسلة مدمرة، نجم عنها تكاثر أنصار الحركة وتزايد الحملات العسكرية النظامية على المعاقل الحوثية وميليشيا "أنصار الله" التي طورها عبدالملك الحوثي.
ربما كان اليمن يتصدر البلدان العربية التي التقطت لمشاهدها صور فوتوغرافية في تلك الحقبة: الطبيعة، الأزياء، طقوس الناس وعاداتهم في المناسبات، وفنون العمارة اليمنية التقليدية المميزة
إذا كانت هذه هي حال شمال اليمن الشمالي مع الحكومة والدولة المركزية في صنعاء، فإن حال جنوب اليمن وعاصمته عدن مع دولة الوحدة ونظام علي عبدالله صالح لم تكن تقل سوءا منذ عام 1990؛ فدولة الوحدة بين اليمنين نشأت عن يأس جنوبي من نظام الحزب الواحد الشمولي وشقاقه واقتتال قادته (الرفاق) اقتتالا دمويا سنة 1986 في عدن. ثم لم يلبث سقوط الاتحاد السوفياتي سنة 1989- وهو الذي كان يرعى دولة "الرفاق" الجنوبية- أن أفقد تلك الدولة غطاءها الدولي والإقليمي ومشروعيتها، فلجأ قادتها إلى الوحدة مع الشمال الذي بادرت دولته سنة 1994 إلى شن "حرب توحيدية" على الجنوب. وحسب مرمييه أدت تلك الحرب التي انتصر فيها الشمال، إلى إخضاع الجنوبيين للدولة الشمالية في صنعاء، وإلى شعورهم بأنهم يمنيون من درجة دنيا ويحتلهم الشمال احتلالا داخليا. وهذا ما أدى إلى نشوء "الحراك الجنوبي" في عدن مطالبا بالحقوق والمساواة إما بالانفصال وإما بالاستقلال.
ساحات التغيير والثارات المبيتة
كانت دولة الوحدة اليمنية مهددة من شمالها الحوثي في صعدة، ومن جنوبها في عدن. وهي مثل جمهوريتين ديكتاتوريتين (سوريا وليبيا) أدى "الربيع العربي" سنة 2011 إلى تصدعها وإغراقها في حروب أهلية. فيما كان احتلال الكويت وتحريرها سنة 1990 قد صدع جمهورية صدام حسين الديكتاتورية. والحق أن ثورات "الربيع العربي"، كشفت الصدوع العميقة في تركيبها، والعلاقات التراتبية التي تنطوي على ثارات مبيتة وضعف الرابط الوطني بين جماعاتها (ربما باستثناء مصر وتونس).
في اليمن الموحد، كان نظام علي عبدالله صالح المديد قد عمق تلك الصدوع، وأجج الثارات بين الجماعات والقبائل والقوى السياسية اليمنية. وشأن حكام الجمهوريات الديكتاتورية جميعا، عزم على توريث اليمن وجمهوريته إلى نجله، نسجا على منوال حافظ الأسد الذي تمكن من توريث سوريا إلى ابنه بشار سنة 2000.
وما إن أطلق الشبان اليمنيون ثورتهم على نظام بلادهم القهري في 2011، وخرجوا إلى الساحات العامة لإسقاطه، حتى قفزت القوى والجماعات اليمنية المتباينة إلى ساحات التغيير، مبيتة- حسب مرمييه- شقاقها وثاراتها: حزب الإصلاح الإسلامي الإخواني وحلفه مع الفريق علي محسن الأحمر. الحركة الحوثية بثاراتها ضد نظام صالح والأحمر والإصلاح. الحراك الجنوبي الذي انتفض وسار جمهوره من عدن إلى صنعاء للخلاص من حكم الشمال القهري التسلطي. وهناك أيضا الشقاقات والثارات القبلية التي تتلبس المجتمع والدولة في اليمن.
هكذا انطوت ساحات التغيير في مشاهدها الجامعة والتي تصدرها الشبان اليمنيون، على شقاقات وثارات كثيرة مبيتة بين قوى متنافرة. وحتى الرئيس علي عبدالله صالح المعزول، ظل نفوذه قويا في الجيش ومؤسسات الدولة والتركيبات والولاءات القبلية. وهو سرعان ما حالف الحركة الحوثية بعد شنه عليها 6 حملات عسكرية بين 2004 و0920، فمكنها من الانقلاب على مخرجات الحوار الوطني، وسهل زحفها الميليشياوي من صعدة إلى صنعاء في 2014. وقد فعل ذلك لظنه أنه يستخدمها للعودة إلى الحكم، لكن الحوثيين هم من استخدموه وبادروا إلى قتله سنة 2017.
ويرى مرمييه أن التعبئة المذهبية المحمومة هي إحدى مصادر قوة الحركة الحوثية التي تعتمد أيضا على نظامها الميليشياوي المرصوص والمتميز بالولاء الكامل لقائد يضفي على نفسه صفة "القداسة الدينية" التي تقر له بها جماعته. هذا فيما القوى اليمنية الأخرى تعاني من تعدد ولاءاتها وتفككها. فقبل وصول الميليشيا الحوثية إلى صنعاء وسيطرتها عليها، كانت قد وصلت إلى عمران معقل الشيخ عبدالله الأحمر شيخ مشايخ قبيلة حاشد، والمتحالف مع الفريق علي محسن الأحمر- والجميع كان يجمعهم سابقا العداء للحركة الحوثية- لكنهم "انهزموا" فجأة وسيطر الحوثيون على معقلهم في عمران.
معاقل بلا حكم فيدرالي
ويعتبر مرمييه أن اليمن مقسم اليوم إلى معاقل وحصون كثيرة فككت الدولة والمجتمع. وكأن الفيدرالية التي نصت عليها مخرجات الحوار الوطني بين القوى السياسية تحققت من دون حكم فيدرالي فعلي يجمع بين تلك الحصون والمعاقل. فالجماعة الحوثية وميليشياتها تسيطران على ثلاثة أرباع سكان اليمن سيطرة عسكرية عرفية غاشمة، وصولا إلى الحديدة ومينائها على البحر الأحمر. وهناك الجنوب ومساحته الكبرى، لكنه لا يضم سوى 7 ملايين نسمة من إجمالي عدد السكان البالغ 27 مليون نسمة. أما تعز في الوسط، فهي مركز لحزب الإصلاح، لكنها مدينة محاصرة ومدمرة. هذا فيما يتمركز في مدينة المخا ومينائها ابن أخ علي عبدالله صالح الذي أسس هناك حزبا جديدا.
وفي الجنوب هناك حضرموت التي لديها هوية خاصة ونازع انفصالي عن محيطها الذي يضخ من يافع والضالع مقاتلي الحراك الجنوبي إلى عدن عاصمة اليمن المؤقتة ومقر الحكومة الشرعية. وهناك مأرب التي كانت تابعة للشمال، محافظة ومدينة، وتقع على حدود حضرموت حيث ثروة اليمن من النفط والغاز. ولا تزال مأرب تقاوم الحوثيين مقاومة عنيفة وشرسة. وبعدما كان عدد سكانها 50 ألف شخص، صارت اليوم تضم مليون نسمة بسبب تدفق اللاجئين إليها من صنعاء وسائر المحافظات المجاورة. وقد تمكن أحد مشايخ قبائلها النافذة، وهو سلطان عرادة، من تكوين ميليشيا قبلية وتعبئة القبائل الأخرى في جبهة متعددة الأطراف ضد الحوثيين، إلى جانب جيش الشرعية.
تعز وجوارها في الثمانينات
لكن ماذا عن تجربة حياتك في اليمن، معرفتك بمجتمعه أو مجتمعاته، والحياة السياسية فيه، وهل من رابط بين حوادث تاريخه القريب وحاضره؟
سألنا فرانك مرمييه. فاستهل كلامه بـ:
"أقبل اليمنيون في مطلع الثمانينات على استقبال الأجانب، شغوفين بتعريفهم بثقافة بلادهم، عاداتها وتقاليدها". فآنذاك لم تكن موجة الريبة من الأجانب متفشية في المجتمع اليمني الذي كان أهله "واثقين في أنفسهم ومرتاحين مع أنفسهم، ومقيمين على عاداتهم التقليدية في إكرام الضيوف والغرباء". وكان أعضاء البعثة الطبية الفرنسية التي عمل فيها "يتلذذون بذلك وبغرابة مشاهد الحياة اليمنية. وغالبا ما كان وجهاء مدينة تعز يدعونهم إلى جلسات تخزين القات في مقايل بيوتهم التي تحفل بالمسامرة والتحادث، وبأداء مغنين وعازفين محليين أغاني ومقطوعات موسيقية".
وروى مرمييه أن العاملين في البعثة الطبية، أينما توجهوا زائرين، مستطلعين ومستجمين- في جوار تعز، قرب مدينة إب، في جبل بعدان وجبال محافظة ريمة وقراها حيث يزرع البن بكثافة- كان يستقبلهم شيوخ قبائل وينزلونهم ضيوفا في بيوتهم ويكرمونهم. كانت هذه العادات تأسر الزائرين. ويأسرهم جمال الطبيعة العذراء والزراعية بمدرجاتها من قمم الجبال إلى سفوحها وتلالها وروابيها الخضراء، حيث غالبا ما يشيد اليمنيون قراهم وبيوتهم بعمارتها الحجرية المميزة في الأعالي التي قليلا ما تصل إليها طرق الإسفلت. وكثيرا ما أسرتهم مشاهد نساء قرى جبل صبر القريب من تعز، حاملات في الصباح حزم نبتة القات من حقول القرى لبيعها في أسواق مخصصة لها. كانت النساء حاسرات غالبا، وعلى وجوههن أوشام، وأزياؤهن متنوعة الأشكال والألوان.
يرى مرمييه أن الحوثيين يمثلون الوجه أو التيار الراديكالي في المذهب الزيدي. والمختصون يسمونه "الجارودية"، نسبة إلى فرقة زيدية قديمة كانت تتبع الداعية أبو الجارود زياد بن المنذر الهمداني، المتوفى سنة 150 هجرية
وفي رحلاتهم تلك التي كانت تصل أحيانا إلى شاطئ تهامة على البحر الأحمر، كانت كاميرات التصوير الفوتوغرافي حاضرة دائما في أيدي أعضاء البعثة الفرنسية. فيصوبون عدساتها إلى مشاهد الطبيعة والناس المرحبين غالبا بالتقاط صور لهم.
وحسب مرمييه، ربما كان اليمن يتصدر البلدان العربية التي التقطت لمشاهدها صور فوتوغرافية في تلك الحقبة: الطبيعة، الأزياء، طقوس الناس وعاداتهم في المناسبات، وفنون العمارة اليمنية التقليدية المميزة.
عدن رامبو وحزب "الرفاق"
لما وصل فرانك مرمييه إلى تعز، كانت مخيلته الفرنسية مسحورة بصور عدن الكثيرة، ومنها تلك المتصلة بالشاعر آرثر رامبو (1854-1891) وسيرته الغرائبية المثيرة فيها بعد وصوله إليها سنة 1880. وتكمن خصوصية عدن في أنها كانت محطة للخيال والشيوعية وحركات التحرر والتحرير في العالم العربي؛ فموقعها مع مرفئها الشهير المطبوع كذبابة على عنق زجاجة، حيث ينفتح البحر الأحمر على المحيط الهندي، ليس بريئا من رمزية قصص تأسيسها ومن الأساطير والذكريات الأدبية التي تحف بها، إلى جانب الجبال البركانية السوداء الجرداء خلفها. وهذا ما جعلها منارة ومحطة ومحجة للغربيين الذين زاروها، وصنعوا لها صورا مركبة من أبطال أسطوريين وساهرين ناعسين في معابدها، حيث يشع وميض النجم الأحمر الذاوي، وصولا إلى صورة الشاعر الفرنسي رامبو الذي أمضى فيها 45 شهرا بين 1880 و1891، وأدخلها في الخيال الأدبي الغربي، وحولها جلجلته الشعرية والأسطورية. إضافة إلى صور عن عدن من كتاب "عدن العربية" للكاتب الشيوعي الفرنسي بول نيزان.
رغب مرمييه أن يقتفي أثر تلك الصور ويعيش سحرها في عاصمة اليمن الجنوبي الذي كان يستحيل آنذاك عبور حدوده البرية من اليمن الشمالي. فانتقل في مركب صغير ينقل بضائع من أحد موانئ الشمال على البحر الأحمر، إلى جيبوتي. وفيها حصل من قنصلية يمن "الرفاق الاشتراكيين" الجنوبيين على تأشيرة سمحت له بركوب طائرة إلى عدن. ولما راح يطادر فيها صور سيرة رامبو، لم تطالعه فيها سوى مشاهد نظام الحزب الواحد المغلق.
الهدية التي كان يحملها من عائلة في تعز إلى قريب لها في عدن، تسلمها منه رجل أخافه اتصاله الهاتفي به عندما علم أنه فرنسي. انتظره الرجل بعيدا من "فندق الصخرة" العدني، ومن دون أن يخرج من سيارته مد يده من نافذتها صامتا خائفا، فتناول الهدية من يد مرمييه، وانطلق في السيارة كأنه يفر هاربا؛ فنظام "الرفاق" الأمني كان يشتبه في أي مواطن يقف ويحادث أجنبيا في الشارع. على مثال بلاد الستار الحديدي في الاتحاد السوفياتي.
كان مرمييه يتردد على مقايل أصدقائه الجنوبيين في صنعاء لتخزين القات. فيسمع فيها التذمر والشكوى من تسلط الشماليين
وفيما كان الزائر الفرنسي يتناول طعام عشائه وحيدا في الفندق، صادف أشخاصا أوروبيين جالسين إلى طاولة قريبة. تخيل أنهم ربما من أنصار الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين، التي كانت تربطها علاقة وطيدة بـ"الرفاق" اليمنيين الجنوبيين، وجاء أولئك الأوروبيون الشبان إلى عدن مدفوعين بحماستهم الثورية، ربما للانخراط في دورة تدريب عسكري تمكنهم من المشاركة في تحرير فلسطين أو مقاتلة الاستعمار والرأسمالية في بلادهم.
كل شيء كان يبدو غريبا، بل غرائبي، لمرمييه في أيامه العدنية القليلة. التقى في نادي البحارة ببحارٍ هندي، فحكى له كيف نجا من غرق سفينته في المحيط الهندي. وفي يوم آخر خلال تناوله الغداء في مطعم، اقترب منه رجل قال إنه من جهاز الأمن السياسي، واقترح عليه أن يصرف له عملة صعبة.
على خلاف نساء عدن السافرات، كانت النساء سافرات وغير سافرات تتخالطن في صنعاء. وبعض الرجال العدنيين كانوا يحتسون البيرة والكحول في العلن، لكن كان يمتنع عليهم تخزين القات إلا في عطلة نهاية الأسبوع، على خلاف الحال في الشمال: امتناع تناول الكحول إلا في السر والخفاء، شيوع تخزين القات في أيام الأسبوع كلها.
وفيما كانت مدن الشمال تكثر فيها السيارات والسلع الاستهلاكية على أنواعها، ويظهر شيء من الحيوية في مشهد حياتها اليومية العامة، كان التقشف وندرة السلع وقلة السيارات عنوان مشاهد حياة عدن اليومية شبه الخامدة. لذا شعر مرمييه أن الشطرين المتجاورين اللذين لا يُسمح باجتياز حدودهما، مختلفين جدا رغم اشتراكهما في ذكر اليمن باسميهما، والصلات المتعددة التي كانت تربطهما مثل الروابط العائلية والتاريخية.
حروب الأمس في شمال اليمن وجنوبه
وروى مرمييه أن الحرب الأهلية التي نشبت في اليمن الشمالي (دامت سنوات بين 1962 و1970، نتيجة ثورة الجمهوريين على نظام الإمامية الملكية المغلقة، الذي كان موالوه من أحفاد الحوثيين في صعدة وصنعاء اليوم) نجمت عنها تغيرات كبرى، اجتماعية وثقافية وسياسية وديموغرافية، أدت أخيرا إلى إرساء نظام جمهوري في اليمن الشمالي.
أما في اليمن الجنوبي فنشأت سنة 1962 جبهة ضمت قوميين عربا ويساريين لتحريره من الاستعمار البريطاني. وبعد انسحاب القوات البريطانية منه سنة 7196، نشأ لحكمه مجلس رئاسي متباين الاتجاهات السياسية والعقائدية. وأخيرا تمكن يساريون ماركسيون لينينيون في عدن من إرساء نظام اشتراكي موالٍ للاتحاد السوفياتي، فاعتمد نظام التأميم والحزب الواحد المغلق والمسيطر على الدولة والمجتمع الذي لم يخل ولا خلا الحزب القائد من ولاءات مناطقية وقبلية.
وفي العام 1986 انفجر الصراع دمويا بين قادة حزب "الرفاق"، فحصد ألوف القتلى في حرب أهلية خاطفة، وفر من اليمن الجنوبي إلى شماله حوالي 20 ألفا من أنصار "الرفيق" القائد علي ناصر محمد، ما أدى إلى بداية انهيار نظام "رفاق" الحزب الاشتركي الحاكم.
صنعاء: قبلية ملجومة وجاليات مناطقية
أمضى فرانك مرمييه 9 سنوات في صنعاء بين 1983 و7199. درس تاريخ المدينة، تطورها، تحولاتها، توسعها العمراني والسكاني، ومجتمعها الحضري. كانت الدراسات اليمنية الأوروبية آنذاك تنصب على دراسة النظام القبلي الذي كان سائدا خارج صنعاء العاصمة. ذلك لأن الدولة الإمامية السابقة على الجمهورية والنظام الجمهوري كانت تعتمد على العصبيات القبلية، وحاول النظام الجمهوري الحد من نفوذ السادة الزيديين الذين كانوا يتمتعون بمرتبة اجتماعية عالية خلال الحكم الإمامي. وأوجد النظام الجديد نوعا من "إسلام مشترك" لم يتمكن من إلغاء معرفة الناس بمن هو زيدي ومن هو شافعي. وهذا من طريق اللهجة وشعائر الصلاة وسواهما من العلامات، على الرغم من أن اليمنيين الشماليين، بعد تكريس النظام الجمهوري، أخذوا يعيبون التمييز المذهبي في حياتهم وعلاقاتهم اليومية.
وإذا كان التمييز المناطقي- دائما حسب مرمييه- هو الأبرز في الديار اليمنية كلها، شمالا وجنوبا، فإن القبلية ظلت حاضرة وقوية في الشمال. فالجمهوريون الذين انتفضوا على الإمامية بعد معاناة طويلة منها، وأدت انتفاضتهم إلى حرب أهلية (1962- 1970) كان بعضهم من شيوخ القبائل، مثل عبدالله الأحمر شيخ قبيلة حاشد، إلى جانب قوى قومية ويسارية. وعندما حاول الرئيس إبراهيم الحمدي (1943-1977)- كان رئيس أركان الجيش عندما نفذ انقلابا عسكريا سنة 1974 سماه "حركة تصحيحية" وتسلم رئاسة الجمهورية- مجابهة نفوذ شيوخ القبائل في مؤسسات الدولة والجيش، والاقتراب من الجنوب لإقامة نظام وحدوي، جرى اغتياله، لأن خطواته هددت مصالح شيوخ القبائل في الشمال. وسرعان ما آلت رئاسة الجمهورية إلى علي عبدالله صالح.
وفي كتابه "شيخ الليل" يستقرئ مرمييه تكوّن المدينة العربية الإسلامية وتوسعها انطلاقا من السوق والمسجد ومقر السلطة. هذه المكونات تخترقها البنية القبلية في صنعاء. فبعد انتهاء الحرب الأهلية في اليمن الشمالي سنة 1970، شيد عدد كبير من زعماء القبائل دارات لإقامتهم في صنعاء. وراح يحرسها مسلحون يرافقون الزعماء أثناء تنقلاتهم في المدينة. ثم إن الشيخ عبدالله الأحمر، رئيس البرلمان، وشيخ مشايخ قبائل حاشد، شيد سجنا خاصا قرب دارته، وأقام فيه العدالة وفقا للأعراف القبلية التقليدية.
ويرى مرمييه أن صنعاء كانت تحوطها القبائل، لكنها تتميز بتاريخ داخلي وتركيب اجتماعي حضري خاص بها وطورته على نحو بطيء. أما العصبيات القبلية في المجتمع الحضري الصنعاني فكانت ضعيفة وتوشك على الانمحاء. قد يقول الصنعاني أنا من أصل قبلي ما قديم، لكنه لا يعول على نسبه القبلي. وهذا في مقابل حضور التمايزات المناطقية بحيوية لافتة. فصنعاء- كونها عاصمة الشمال وعاصمة دولة الوحدة بعد سنة 1990- كانت مرآة تنوع الانتماءات المناطقية في اليمن. فإلى الصنعانيين، هناك الوافدون من تعز وإب، ومن الجنوب وعدن وحضرموت، إضافة إلى الآتين من صعدة، وسواها من المحافظات التي تظل أسماؤها على كل شفة ولسان بين اليمنيين، على نحو لا يقاس بخفوت الإعلان الصريح عن النسب القبلي.
ولاحظ مرمييه أن الانتماءات المناطقية ظلت بارزة بوضوح، لذا لم يظهر في المجتمع المديني الصنعاني خلال أكثر من نصف قرن نموذج ثقافي عام، بل ظل سكان المدينة موزعين وفقا لنماذج ثقافية متباينة.
في كتابه "شيخ الليل" يستقرئ مرمييه تكوّن المدينة العربية الإسلامية وتوسعها انطلاقا من السوق والمسجد ومقر السلطة. هذه المكونات تخترقها البنية القبلية في صنعاء
ومن ملاحظاته أيضا أن سكان صنعاء قد يتخالطون في دوائر العمل والتعليم والوظائف، لكن يتوزع معظمهم في جلسات القات الطويلة على أساس انتسابهم المناطقي والجهوي. وبعدما كانت صنعاء مدينة زيدية في عهد الإمامية، فقدت طابعها الزيدي نتيجة قيام النظام الجمهوري. فالزيديون لم يظلوا الأكثرية فيها، جراء الوافدين إليها من مناطق ومحافظات كثيرة. وهناك صنعانيون كثر خرجوا من مدينتهم القديمة ابتداء من السبعينات وخلفوا أسوارها وراءهم، وانتشروا في أحياء مدينية جديدة. أما من ظلوا مقيمين داخل الأسوار، فحافظوا على نمط حياتهم التقليدية، رغم أن سكانا جددا حلوا مكان المغادرين.
الشمال ومأساة الجنوب
زار الرئيس علي عبدالله صالح عدن سنة 1990 واتفق مع "الرفيق" القائد وأمين عام الحزب الاشتراكي في اليمن الجنوبي علي سالم البيض على إقامة نظام وحدوي بين اليمنين. وكان الجنوبيون قد فقدوا ثقتهم بـ"الرفاق" واشتراكيتهم منذ اقتتالهم الدموي سنة 1986.
لكن شأن كل وحدة عربية- وهي غالبا ما لا تقوم إلا على إخفاء الشقاق والثارات والعداوات "الأخوية" بين أطرافها، وعلى استقواء كل طرف على الأطراف الأخرى، واستتباعها، والسيطرة عليها- أدى نظام الوحدة اليمني وسياساته منذ بداياته إلى استقواء الشماليين على الجنوبيين الذين تحولت وعود الانفتاح وإنشاء أسواق حرة، ونقابات، وأحزاب سياسية، إلى كوابيس في حياتهم: جرى تهميشهم واستضعافهم وإذلالهم، والاستيلاء على كثير من ملكياتهم وأراضيهم، وصرف أعداد كبرى منهم من والوظائف الحكومية والجيش. وحتى المقيمون منهم في صنعاء تعرضوا للتضييق عليهم ولمظالم كثيرة.
السقاف وباشرحيل نموذجا
كان مرمييه يتردد على مقايل أصدقائه الجنوبيين في صنعاء لتخزين القات. فيسمع فيها التذمر والشكوى من تسلط الشماليين. كان الباحث المرموق أبو بكر السقاف (توفي سنة 2022) أستاذ الفلسفة في جامعة صنعاء، ويساري الميل، واحدا من أولئك الأصدقاء. وهو كان نشر في مصر كتابا باسم مستعار عنوانه "الجمهورية بين السلطنة والقبلية" ينتقد فيه نظام علي عبدالله صالح.
كان السقاف ومرمييه يترددان إلى مقيل الصحافي الجنوبي هشام باشرحيل المقيم في صنعاء، وصاحب صحيفة "الأيام" العدنية. ولشدة ما كان السقاف ينتقد نظام الوحدة في مقالاته الصحافية، دخل مرة على خط مكالمته الهاتفية مع صديقه مرمييه، رجل أمن راح يهدده قائلا: "توقف عن الكلام في السياسة، مفهوم؟!". لكن السقاف بادر إلى محادثة الرجل دون إظهار أي خوف. فهو كان، حسب صديقه مرمييه، شخصا محترما وشجاعا وذائع الصيت في الأوساط الثقافية اليمنية، وكان أول من ابتكر مفهوم "الاستعمار الداخلي" للكناية به عن تسلط الشمال على الجنوب.
حصلت المكالمة الهاتفية سنة 1993، وبعد نحو سنة سارع جيش اليمن الشمالي إلى شن حرب هجومية على الجنوب، بذريعة أنه يخطط للانفصال أو الانقلاب على "الوحدة"، التي- لصونها واستكمالها- أخضعت سلطة الشمال أهل الجنوب بقوة السلاح. وقد ساعدت الشمال في ذلك قوات "الرفيق" الجنوبي علي ناصر محمد، التي كانت فرت إلى الشمال بعد حرب "الرفاق" الجنوبيين سنة 1986. وكان يبلغ عدد تلك القوات 20 ألف مقاتل.
في عام 1986 انفجر الصراع دمويا بين قادة حزب "الرفاق"، فحصد ألوف القتلى في حرب أهلية خاطفة، وفر من اليمن الجنوبي إلى شماله حوالي 20 ألفا من أنصار "الرفيق" القائد علي ناصر محمد، ما أدى إلى بداية انهيار نظام "رفاق" الحزب الاشتركي الحاكم
وفي نهار من العام 1995 أقدم رجال من جهاز الأمن السياسي على ضرب أبو بكر السقاف في الشارع. وفي النهار التالي اتصل الرئيس صالح شخصيا بهشام باشرحيل وسأله: كيف حال صديقك السقاف؟ هل هو بخير وعافية؟ كانت تلك الكلمات تنطوي على تهديد صريح للنخبة الجنوبية والعدنية المقيمة في صنعاء. وهذا ما حمل باشرحيل على مغادرة صنعاء والعودة إلى عدن، حيث انصرف إلى العناية بصحيفته الليبرالية "الأيام" التي لم تسلم من مضايقات واعتداءات نظام الوحدة الشمالي.
هكذا تحققت فكرة السقاف عن "الوحدة الاحتلالية". وحتى الجنوبيون المقيمون والعاملون في صنعاء منذ سنوات كثيرة تعرض بعضهم للاغتيال والسجن، بذريعة أنهم اشتراكيون انفصاليون. وكان أهل الجنوب، بعد فقدهم ثقتهم بـ"الرفاق" ونظامهم الاشتراكي، قد تشبثت بهم موجة من القلق والفراغ الأخلاقي والنفسي، فلم يدفعها عنهم سوى تدين متشدد غذاه وأشاعه حزب الإصلاح الإسلامي الإخواني. وهذا بعدما كان النظام الاشتراكي قد كبت مديدا إسلام التدين العادي التقليدي. وهكذا أقبلت النساء الجنوبيات على التحجب بكثافة كبيرة.
تغيير طابع صنعاء
منذ استيلائهم على صنعاء سنة 2014 يعمل الحوثيون- حسب مرمييه- على تغيير طابعها المديني، وتحويلها مدينة حوثية الطابع. فهم يصرون على أن تهيمن شعائرهم وعراضاتهم واحتفالاتهم وأهازيجهم الدينية وأعلامهم وصور "شهدائهم" على الفضاءات العامة في المدينة التي صار سكانها مرغمين على العيش في مناخ مفروض عليهم، غريب عن عاداتهم وتقاليدهم، ولا خيار لهم فيه. ويسمي الحوثيون هذا كله "الصرخة" المتمثلة بشعارهم "الله أكبر، الموت لأميركا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام" المستلهم من إيران الخميني. لقد ألبسوا صنعاء حلة حوثية، فصارت تشبه ضاحية بيروت الجنوبية.
ويرى مرمييه أن الحوثيين يمثلون الوجه أو التيار الراديكالي في المذهب الزيدي. والمختصون يسمونه "الجارودية"، نسبة إلى فرقة زيدية قديمة كانت تتبع الداعية أبو الجارود زياد بن المنذر الهمداني، المتوفى سنة 150 هجرية. والحوثيون اليوم يعيدون إحياء "فقه" تلك الفرقة الراديكالي ليهيمن على المذهب الزيدي كله، وتحويله إلى شعائر وطقوس مستمدة من المذهب الشيعي الإمامي الاثنى عشري في نسخته الإيرانية الخمينية. وفي سنة 2012 أحيا الحوثيون أول مسيرة كربلائية- عاشورائية في صنعاء، وهم يداومون على إحيائها في كل سنة.
وفي ظل السيطرة الحوثية عليها تعيش صنعاء اليوم كبتا اجتماعيا وسياسيا وحياتيا خانقا، يتوازى مع ضائقة معيشية وتطهير موظفين في المؤسسات العامة، واستبدالهم بسواهم من الأتباع والموالين. ومن مظاهر الكبت منع الموسيقى والاحتفالات التقليدية في مناسبات الزفاف. وذكر مرمييه أخيرا أن الحوثيين يحاولون تغيير الطابع العمراني لأسواق صنعاء الداخلية التراثية، فيصادرون فيها بعض الأملاك لإنشاء حسينيات يحيون فيها طقوسهم وشعائرهم.