من إحدى أهم محطات مشروع "الحزام والطريق"، وعلى أنقاض طريق الحرير القديم على الشاطئ الخلاب البحر الأصفر في مدينة يانيويغان في جمهورية الصين الشعبية، شاهدت لقاء الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، مع قناة "فوكس نيوز" الأميركية.
ولا نبالغ هنا بأن هذا اللقاء، كان منتظرا من أطراف إقليمية ودولية عديدة؛ كونه يأتي بعد تسريبات إعلامية متتالية عن فحوى المفاوضات التي تجري بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية منذ عدة أشهر وتقاطعها مع ملفات عديدة، أهمها ما يتردد عن شكل التطبيع السعودي مع إسرائيل، والعلاقات مع الصين وروسيا وإيران، وأزمة اليمن، وتصور المملكة لدورها ومستقبلها وللإصلاحات الداخلية التي عليها المضي بها لاستكمال عملية التحول الاجتماعي والاقتصادي.
كان لقاء صريحا تطرق فيه ولي العهد لأهم الملفات التي تهم الداخل والخارج على حد سواء، لكنه في الوقت نفسه، كان لقاء مدروسا من جهة الرسائل التي أراد ولي العهد إيصالها لشعبه ولدول الجوار وللقوى العظمى الرئيسة.
لعل الرسالة الأولى التي أراد الأمير محمد بن سلمان إرسالها كانت لشعبه، وهي تتألف من ثلاثة عناصر:
الأول، أن المُحرك الرئيس لسياسات المملكة الخارجية هو مصلحتها في تحقيق رؤية المملكة 2030 للتحول الاقتصادي والاجتماعي، والتي تبدأ من التنويع الاقتصادي لضمان استمرارية النمو الاقتصادي والازدهار. وأن تحقيق ذلك مرتبط بشكل عضوي بتصفير المشاكل الإقليمية، وهو ما يتطلب التوصل إلى تسويات للصراعات في الإقليم وعلاقات دولية متوازنة مع الجميع على أرضية المصالح المشتركة والاحترام المتبادل.
والثاني، أن التحول الاقتصادي والاجتماعي في المملكة هو مشروع جدي وحتمي وليس للاستهلاك الإعلامي الداخلي أو الخارجي، بل عملية مستمرة ولازمة لن تنتهي قبل تحويل المملكة إلى دولة قائمة على الاقتصاد المعرفي، تمتلك التقنية الحديثة، وتطمئن لمستقبلها.
والثالث، أن المملكة مُقدمة على تحديث كبير في قوانينها وإصلاح مؤسسات الدولة لتعزيز حكم القانون وبما يتماشى مع روح العصر، وهو ما يمكن استنتاجه من قول الأمير بأنه "يشعر بالحرج" من وجود قوانين لا يرغب فيها.