لم يخف الروائي الجزائري الطاهر وطّار (1936-2010) يوما علاقته المضطربة بمعظم من يكتبون بالفرنسية، بل كثيرا ما صرّح بتشكيكه في وطنيّتهم وفي انتمائهم الحضاري للجزائر. كان يرى مثلا أن رشيد ميموني وبوعلام صنصال ومجموعة كبيرة من جيلهما لا يملكون من الوطنية إلا الاسم، وأن وجدانهم غير جزائري البتة، بل قال إثر تبلغه خبر اغتيال الطاهر جاووت بأن موته خسارة لفرنسا، مما أثار عليه نقمة عدد كبير من المثقفين والكتاب، في مقدمهم رشيد بوجدرة الذي اعتبر موقف وطار من جاووت غريبا، على اعتبار أنه كان صديقا مقربا منه، لكنه بعد اغتياله انتقده وانحاز إلى صف الأصوليين المتطرفين.
اتّهم وطّار بأنه صاحب الشائعة الشهيرة في خصوص رشيد بوجدرة وسرقته من الأدب الألماني، وبأنه من روّج لشائعة أن الطاهر جاووت لم يكتب شيئا في حياته، بل معظم ما نشر باسمه كتبته زوجته، خصوصا روايته الأشهر "البحث عن العظام"، وهي الاتهامات التي لم يجتهد لردّها، بل كثيرا ما كان ينفي بعضها مصرّحا بما هو أخطر منها في الوقت ذاته، معتبرا كل ذلك مجرّد "نميمة ثقافية" لا بدّ منها.
لم تعرف الساحة السردية في الجزائر شخصية كاريزماتية مثل شخصية الطاهر وطار، فعلى الرغم من خصوماته المتعدّدة مع عدد لا يستهان به من الروائيين، فقد تمكّن من فرض أبوّته أدبيا على معظم الساردين الجزائريين. فباستثناء رشيد بوجدرة الذي استقلّ منذ بداياته بأسلوب فريد في الكتابة وبشخصيته المثيرة للجدال، لم يستطع أحد من مجايلي وطار أو من كتّاب الجيل الذي تلاه التخلص من تأثيره الأدبي والثقافي عليه، ولعل أشهرهم وأكثرهم تأثرا به محمد مفلاح وجيلالي خلاص وواسيني الأعرج ومحمد ساري وعز الدين جلاوجي.