وتضيف: "لم يتخرج أي طالب من هذه الكليات حتى الآن، لأن تلك الأقسام أُنشِئت نهاية عام 2019، وبالتالي لا يمكن الحكم على نجاح هذه الخطوة من عدمه. لذلك يواجه أولياء أمور الطلاب تحديات كثيرة لعدم اقتناعهم بضرورة إلحاق أبنائهم في تلك الأقسام، التي لم يجر ربطها بسوق العمل، ولا يزالون يفضلون التحاقهم بكليات تقليدية كالهندسة والحاسبات والمعلومات، خصوصا أن مجال العمل في تقنيات الذكاء الاصطناعي في مصر محدود للغاية، ولأن الحكم على جودة خريجي هذه الكليات سيكون في الأغلب دوليا وليس محليا".
وتشير قيصر إلى تفضيل نسبة من المصريين التعامل مع البشر عن الآلات، لوجود عقبات كثيرة في البنية التحتية للإنترنت وخروج الخدمة في بعض الأحيان عن العمل. وترى قيصر أن مصر غير مؤهلة في بنيتها التحتية عموما أو شوارعها طبقا للمعايير الدولية للتحول الكبير إلى الذكاء الاصطناعي، مثلا هل تتوافر بيئة صالحة للسيارات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي للسير في شوارع القاهرة؟
لكنها تلفت إلى "أهمية المنظمات والجامعات التي تعمل في مصر لتشجيع العمل بالذكاء الاصطناعي بين الطلاب بالتعاون مع هيئة تنمية صناعات تكنولوجيا المعلومات (إيتيدا) ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لتقديم دورات كاملة في الذكاء الاصطناعي لتأهيل طلاب الجامعات من الناحية التكنولوجية".
خوف على الوظائف
تثير تقنية الذكاء الاصطناعي بعض المخاوف من مزاحمة البشر في الوظائف وهي مخاوف لها وجاهتها، كما يرى يوسف ناشد، وهو شاب حديث التخرج في الحقوق، حيث يقول: "إن الذكاء الاصطناعي بات ضرورة في حياتنا كشباب في مصر لأنه يعد وسيلة سريعة لتجميع معلومات غزيرة من مصادر مختلفة بطريقة منظمة". ويضيف في حديث مع "المجلة": "إن اختفاء بعض المهن خلال السنوات العشرين المقبلة التي قد يتفوق فيها الذكاء الاصطناعي على الذكاء البشري في مجالات محددة ممكن. لكن العنصر البشري يبقى أساس الابتكار والتطوير، ذلك أن الذكاء الاصطناعي مجرد أداة لمساعدة الإنسان على توفير الوقت في المهمات التي تتطلب أوقاتا طويلة في العمل". ويتوقع أن "يساهم الذكاء الاصطناعي بنسبة سبعة في المئة في الناتج المحلي الإجمالي لمصر بحلول عام 2030"، مستندا إلى بيانات "مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار" التابع لمجلس الوزراء.
ويقول عضو غرفة تكنولوجيا المعلومات المصرية الدكتور أحمد صبري، لـ"المجلة" ان الحكومة المصرية "أعدّت استراتيجية للذكاء الاصطناعي قبل ثلاث سنوات، ووضعت تطبيقاته نُصب عينيها، باعتباره أداة داعمة لتقديم الخدمات عن بُعد، كما أنه يجذب القطاعات الشابّة للعمل من دون الارتباط بالمؤسسات على النحو النمطي". كذلك أطلق الميثاق المصري للذكاء الاصطناعي المسؤول في أبريل/نيسان 2023 لبلورة الأطر التنظيمية للاستخدام الأخلاقي والمسؤول للتقنيات الذكية في المجتمع. واستجابت الدول في أنحاء العالم كله، ولا سيما في أوروبا وآسيا، بصياغة مسودات تشريعات شاملة للذكاء الاصطناعي. في المقابل، لا تزال الدول النامية، بما فيها مصر، تتلمس طريقها في تطوير التشريعات المطلوبة لتنظيم تطبيقات الذكاء الاصطناعي وممارساته، ولا سيما بعد الانتشار غير المسبوق لروبوت الدردشة "ChatGPT".
في المقابل، يلفت الدكتور علاء النهري نائب رئيس المركز الإقليمي لعلوم الفضاء لـ"المجلة" الى أن "الذكاء الاصطناعي بدأ حديثا في مصر وهو في مراحله الأولية، والدولة مهتمة وتحاول تشجيعه، لكن المشكلة التي تواجهها هي عدم ربط خريجي تلك الجامعات بسوق العمل وهو ربط يعد المحفز الرئيس والأساس، ذلك أن الشباب يريدون الالتحاق بتلك الجامعات لكن لديهم تخوفات من عدم تلبية سوق العمل لطموحاتهم، إلى جانب عدم إلمام كثير من الشركات في مصر بمعرفة الذكاء الاصطناعي".
ويطالب النهري القطاع الخاص بتبني هذا المجال، كونه القطاع الأكثر مرونة لتلبية متطلبات الشباب لتطوير الأعمال، ويرى أن "أبرز القطاعات الحالية التي تركز على الذكاء الاصطناعي في مصر هي علوم الفضاء وقطاع الاتصالات، ومع استمرار تأثير الذكاء الاصطناعي في حياتنا بشكل عام تصبح الحاجة إلى سن قوانين أكثر إلحاحا ولا سيما بالنسبة إلى الدول النامية على غرار مصر".
المواطن في مقابل الذكاء الاصطناعي
كشف استطلاع للرأي أجراه مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار في مجلس الوزراء المصري خلال يونيو/حزيران 2023، شمل عينة من المواطنين البالغين 18 عاما فأكثر، عن خطورة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي على المستقبل، أن نسبة كبيرة من المواطنين المصريين يرونه خطرا وتهديدا كبيرا، وأن أخطار الذكاء الاصطناعي المستقبلية ستكون لها انعكاسات على نمط حياة البشر والمجتمعات وعملية اتخاذ القرار ومعايير الحوكمة، إلى جانب آثار في مجال التعليم والوظائف.
ويتفق جوجو أشرف، الطالب في كلية علوم الكمبيوتر في الجامعة الكندية في مصر، والذي يدرس مادة في علوم الذكاء الاصطناعي، مع هذا الرأي، معتبرا أن للذكاء الاصطناعي أخطارا جمة أبرزها إلغاء كثير من الوظائف والاعتماد على هذه التقنية لأنها توفر الوقت والجهد والرواتب، كما يمكنه أن يتدخل في الحروب لخفض التدخل البشري، فهو يستطيع برمجة الأسلحة ومعدات القتال، كما يمكنه اتخاذ قرار الهجوم. ومن السلبيات أيضا، إلغاء العقل البشري كونه سيعتمد على الذكاء الاصطناعي دون تفكير وابتكار، وسيصل إلى مرحلة التشبع بالمعلومات.