ظاهريا، يجب أن يرحب كثير من حلفاء بريطانيا الغربيين بالاحتمال الكبير لفوز ستارمر في الانتخابات وبالقضايا التي يسلط عليها الضوء حاليا. ومن الناحية الآيديولوجية، فإن حكومة المحافظين اليمينية في بريطانيا لا تتفق حاليا مع أغلب حلفاء المملكة المتحدة: الولايات المتحدة، وفرنسا، وألمانيا، وكندا، التي يقودها ساسة وسطيون أو من يسار الوسط. ويبدو أن ستارمر، الذي تجاهل كثيرا من السياسات والشخصيات اليسارية المرتبطة بسلفه في زعامة حزب العمال، جيريمي كوربين، يزداد تقاربا مع القادة الوسطيين مثل ماكرون والرئيس الأميركي جو بايدن.
وبعيدا عن التقارب الآيديولوجي العام، توافقت أولويات ستارمر مع أولويات حلفاء بريطانيا؛ إذ كانت مكافحة الإرهاب عنصرا موحدا للسياسة الخارجية الغربية منذ هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001. وصعدت مكافحة تغير المناخ على قائمة الأولويات في السنوات الأخيرة، ولكن يبدو أن بريطانيا، تحت قيادة ريشي سوناك، متأخرة في هذا المجال، وبالتالي فإن التزام ستارمر بسياسات أكثر مراعاة للبيئة سيكون موضع ترحيب حار. ويعتبر محور التهديد بإضعاف الديمقراطية أمرا قابلا للتأويل، لكن معظم الأشخاص سيعتبرون تسليط الضوء عليه، إلى جانب تصريحات أخرى أدلى بها زعيم حزب العمال، دليلا على استمرار التزام المملكة المتحدة بدعم الحكومة المنتخبة ديمقراطيا في كييف في حربها ضد روسيا.
ويبدو أن رفع مستوى قضية تهريب البشر لتكون على نفس مستوى قضية الإرهاب والتهديدات الأخرى يستهدف في المقام الأول الجماهير المحلية؛ إذ يسعى ستارمر إلى طمأنة الناخبين البريطانيين بأن حكومة حزب العمال ستكون صارمة مثل حكومة المحافظين في مكافحة الهجرة غير الشرعية، ولكنها ستكون أكثر فعالية من خلال استهداف عصابات التهريب بدلا من الأفراد كما هو الحال حاليا. ومن حيث المبدأ، سيكون هذا الأمر أيضا موضع ترحيب من قبل زعماء الاتحاد الأوروبي لأنه يشير إلى استعداد للتعاون بشكل أكبر مع بروكسل مقارنة بالحكومات البريطانية السابقة.
ومع ذلك، وعلى الرغم من أن ستارمر يبدو متوافقا من الناحية الآيديولوجية مع حلفاء بريطانيا الغربيين الرئيسين أكثر من المحافظين، إلا أن هناك بعض المخاوف أيضا؛ إذ يشعر الاتحاد الأوروبي، على وجه الخصوص، بالقلق من تعهد ستارمر في مقابلة حديثة مع صحيفة "فايننشيال تايمز" بالبحث عن صفقة بريكست أفضل بكثير من الصفقة الحالية. وتحدث ستارمر مع وزير خارجية الظل، ديفيد لامي، عن إعادة فتح المفاوضات لتمكين بريطانيا من الوصول إلى جوانب معينة من الأسواق الأوروبية، على الرغم من التزامهما بالبقاء خارج الاتحاد الأوروبي وسوقه الموحدة والاتحاد الجمركي.
وبالنسبة لبروكسل، كان الوصول الجزئي إلى السوق خطا أحمر خلال مفاوضات بريكست السابقة، وهي غير متحمسة لاحتمال إعادة فتح ما ثبت أنه فصل مثير للجدل في علاقات المملكة المتحدة مع الاتحاد الأوروبي. ورغم أن ستارمر سيتولى منصبه بقدر كبير من حسن النية من جانب العواصم الأوروبية التي ستسعدها رؤية تراجع المحافظين المناهضين للاتحاد الأوروبي، فإن هذا لن يمنحه تصريح مرور مجاني.