تحضر درنة الليبية هذه الأيام في وسائل الإعلام العالمية بوصفها مدينة منكوبة بكارثة فيضان هو الأعنف منذ عقود طويلة ليس في قارة إفريقيا وحسب، بل ربما في العالم أسره. لكن هذه المدينة التي تبدو مجهولة لدى السواد الأعظم من الجمهور، كانت ذات يوم مسرح صراع عسكري دولي، والمكان الأول الذي رفع فيه علم الولايات المتحدة الأميركية خارج العالم الجديد.
ظهر اسم درنة في كتاب "الجغرافيا" لبطليموس باسم "دارنيس" في القرن الثاني الميلادي. ولكن سرعان ما بدأ يتردّد بكثرة بعدما تحولت إلى عاصمة دينية لولاية ليبيا السفلى "مارمريكا"، إذ تحتفظ الوثائق الكنسية بأسماء أساقفة شاركوا في المجامع الكنسية في عصر الصراعات العقائدية.
ويرد ذكر درنة في "فتوح مصر والمغرب" لابن عبد الحكم (800- 871م)، إذ يقول إن زهير بن قيس "خرج حتى إذا كان بدرنة من طبرقة من أرض أنطابلس، لقي الروم في سبعين رجلا، فتوقف لتلحق به الناس، فقال له فتى شاب كان معه: جبنت يا زهير؟ فقال ما جبنت يا ابن أخي، ولكن قتلتني وقتلت نفسك، فلقيهم فاستشهد زهير وأصجابه جميعا، فقبورهم هناك معروفة إلى اليوم. وكان مقتل زهير سنة ست وسبعين للهجرة". ويتابع ابن عبد الحكم أن رجلا من مذحج يقال له عطية بن يربوع زحف إلى الروم في درنة وقاتلهم فهزمهم واعتصموا بسفنهم وهرب من بقي منهم.