حملت ساعات الصباح الأولى ليوم الاثنين 11 سبتمبر/أيلول فاجعة جديدة، تعد من أكبر وأفظع الكوارث الطبيعية التي ضربت ليبيا؟ فمنذ زلزال مدينة المرج عام 1963، لم تشهد البلاد كارثة كهذا السيل الجارف الذي قضى منذ أيام على الآلاف في مدن وقرى منطقة برقة.
ومثلت السيول الجارفة الشديدة، التي قضت على سدود درنة، ذروة مأساتنا، حيث قضى "تسونامي درنة" على آلاف الأسر في مركز المدينة، بينما لا زال أكثر من عشرة آلاف شخص- إن لم يكن أكثر- في عداد المفقودين.
لم يكف أن تئن ليبيا منذ 2014 من شرور الكثيرين الذين أغرقوا البلاد في حروب داخلية، وكانت مدينة درنة محطة لبعضها، إذ إن وجود وسيطرة داعش ومجموعات إرهابية أخرى شكّل مسرحا مدمرا لأهلها ومعالمها ومقدراتها. لكن الأزمة الإنسانية الأخيرة هزت كل بقاع الوطن، لتهب مكونات اجتماعية لنجدة وإنقاذ إخوانهم وأخواتهم في شرق البلاد.
وإذا استطعنا أن نتلمس إيجابية واحدة عندنا في ليبيا هذه الأيام، فهي تكمن بلا شك في وحدة أبناء وبنات الوطن الواحد؛ فقد دلل شعبنا على أنه متعلق بوحدته وبتماسكه، بعكس الذين يتصدرون المشهد والذين تسعى غالبيتهم العظمى- إلا من رحم ربي- إلى إشباع أطماعهم الشخصية التي انغمست في نهب المال العام، متسببة في غياب مؤسسات الدولة وعجزها عن تقديم أبسط الخدمات، والاهتمام بترميم بنية تحتية متهالكة أصلا.
وأمام فداحة وهول الأزمة الحالية، لا بد أن نشير إلى ظاهرة إيجابية أخرى، برزت منذ يوم الأربعاء الماضي، يوم المصاب الجلل الثالث، تمثل في بداية اهتمام وسائل الإعلام الدولي مع انطلاقة عمليات الإنقاذ والإغاثة من دول عربية شقيقة، بالإضافة إلى تركيا ودول غربية أخرى. وما من شك في أن وجود فرق البحث التي توافدت مؤخرا قد ساهم وبفعالية متميزة في إنقاذ أرواح بشرية كانت موجودة تحت الأنقاض أو في عرض البحر وفي تقديم مساعدات فورية وعاجلة للناجين.
أما شباب وقيادات الهلال الأحمر الليبي، فكانوا مع شبابنا في الكشافة الليبية في مقدمة عمليات الإنقاذ في الساعات الأولى، عقب سيول إعصار دانيال، ليقدم الهلال الأحمر الليبي ثلاثة من خيرة شبابه استشهدوا خلال اليوم الأول أثناء تأدية الواجب.