أربيل- منذ مساء يوم 27 أغسطس/آب الماضي، بدأت التقارير تتوالى عن "استدراج" قادة عرب كبار في فصيل عسكري رئيس شرق سوريا إلى الحسكة، واعتقالهم هناك.
على أثر ذلك، بدأت "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) المدعومة من الولايات المتحدة، ويقودها الأكراد، بشن هجمات، وسط عمليات اعتقال في منطقة ذات غالبية عربية تسيطر عليها تلك القوات.
وقد انطلقت الشرارة في الجزء الشرقي من محافظة دير الزور، حيث تجاهلت السلطات المعنية شكاوى الناس من الاعتقالات التعسفية، وغيرها من الممارسات التمييزية التي كانت تقوم بها تلك القوات على مدى سنوات.
وتلت ذلك دعوات لتعبئة المقاتلين، والشباب عموما في واحدة من أكثر المناطق هشاشة في الشرق الأوسط، حيث لا يزال الآلاف من معتقلي "داعش" يقبعون في السجون طي النسيان.
فأُغلقت الطرق، ووقعت اشتباكات، واستُحضرت الولاءات القبلية، على الرغم من ادعاء شباب المنطقة أن هذه الانتفاضة قام بها المجتمع المحلي، وبالتالي لا ينبغي اعتبارها "قبلية" الطابع.
واستمرت العملية التي أطلقت عليها "قوات سوريا الديمقراطية": "عملية التعزيز الأمني، ضد خلايا تنظيم الدولة الإسلامية وتجار المخدرات في دير الزور"، حتى 8 سبتمبر/أيلول الجاري، عندما أعلنت "قسد" انتهاء العملية العسكرية الأساسية في دير الزور، والانتقال إلى العمليات الأمنية المحددة. لكنّ "انتهاء العمليات العسكرية" لم ينه التوتّر في المنطقة؛ ففجر الجمعة 15 سبتمبر/ أيلول، شنّ مقاتلون من العشائر العربية، هجوما على نقاط عسكرية تابعة لـ"قسد" في الريف الشرقي لمحافظة دير الزور، في ظل اتهامها بمواصلة حملات الاعتقالات التعسفية في المنطقة. وكان عدد من شيوخ العشائر طالبوا، خلال اجتماع مع ممثلين عن التحالف الدولي وقيادات من "قسد"، في قاعدة حقل العمر النفطي شرق دير الزور، الأربعاء 13 سبتمبر/ أيلول، بوقف الاعتقالات التعسفية من قبل "قسد" وإخراج المعتقلين في سجونها، فضلا عن مطالبات معيشية.
وكانت "قوات سوريا الديمقراطية" اعتقلت العشرات من العرب، فيما قُتل آخرون، من ضمنهم مدنيون وأطفال.
وعلى الرغم من أن "قوات سوريا الديمقراطية" خسرت في الأيام القليلة الأولى من القتال، مساحة شاسعة من الأراضي الواقعة إلى الشرق من دير الزور، إلا أنها استعادت السيطرة على الكثير منها بعد فترة وجيزة.
ومرد ذلك جزئيا، هو حصولها على كميات ضخمة من الأسلحة التي قدمها في المقام الأول التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة من أجل محاربة "داعش".
وحتى لحظة نشر هذا التقرير، لم يستجب التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة للطلبات التي تقدمت بها "المجلة" للتعليق على هذه الأحداث.
يُمثل الصراع واحدا من أخطر الصراعات الداخلية التي حدثت داخل القوات المدعومة من الولايات المتحدة، والتي تسيطر على مساحة شاسعة من شمال وشرق سوريا ذات الغالبية العربية منذ إنشاء القوات أواخر عام 2015.
ويأتي ذلك بعد أسابيع من التوتر الذي ساد بين القوات العربية والقوات الشريكة التي يقودها الأكراد، وتلازم ذلك مع وقوع اشتباكات أصغر حجما كانت قد جرت في يوليو/تموز الماضي، ومع ذلك، فإن الأزمة الحالية كانت في طور التشكل منذ سنوات.
رئيس "مجلس دير الزور العسكري الفاسد"
كان أحمد الخبيل، المعروف باسم "أبو خولة"، على الدوام شخصية مثيرة للجدل في شرق سوريا الغني بالنفط، وقد اتُهم مرارا وتكرارا بإساءة استخدام سلطته بطرق شتى. وكان قد عُيّن قائدا لـ"مجلس دير الزور" العسكري عام 2016. ويعمل ذلك المجلس في الجزء الشرقي من محافظة دير الزور، ويرتبط بـ "قوات سوريا الديمقراطية"، لكنه حاول منذ فترة طويلة الاحتفاظ ببعض الاستقلالية عن تلك القوات.