ثمّة احتمال في أن يطرأ تحول كبير في الاستراتيجية الأميركية تجاه الدول التي لا تلعب وفقا للقواعد الأميركية، ويتجلى هذا بشكل واضح في المناورات العسكرية التي جرت مؤخرا في الصحراء الغربية بمصر والتي جمعت آلاف القوات من الولايات المتحدة ومصر و32 دولة أخرى.
وجرت المناورات في أكبر قاعدة عسكرية في الشرق الأوسط وأفريقيا. وتقع القاعدة على بعد مئات الكيلومترات من الحدود مع ليبيا، وافتتحها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في يوليو/تموز 2017 ردا على الاضطرابات في ليبيا ما بعد القذافي والمحاولات التركية للوجود والنفوذ في الدولة الواقعة في شمال أفريقيا.
وتدرب آلاف الجنود من الدول المشاركة، بما في ذلك 1500 جندي أميركي، حتى 14 سبتمبر/أيلول على قابلية التشغيل البيني في سيناريوهات الحرب التقليدية وغير النظامية والأمن والتعاون الإقليميين.
تجرى هذه المناورات العسكرية مرة كل عامين وتعتبر مؤشرا للعلاقات بين القاهرة وواشنطن. وتعكس، في هذا العام، من حيث كثافتها وعدد القوات المشاركة فيها والاهتمام الأميركي الرسمي بها، ابتعاد واشنطن عن سياسات باراك أوباما العقابية في التعامل مع الحلفاء الذين لا يذعنون للإملاءات الأميركية.
المناورات كمقياس لمزاج واشنطن
جاءت "النجم الساطع" نتيجة لاتفاقيات "كامب ديفيد" عام 1978 التي يسرتها الولايات المتحدة بين مصر وإسرائيل، وهي تأكيد على التعاون بين مصر والولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب وقمع تصاعد التطرف العنيف وتعزيز الأمن الإقليمي. لكن هذه التدريبات العسكرية كانت، فوق ذلك، تعكس باستمرار موقف واشنطن المتغير حيال سياسات مصر الخارجية وشؤونها الداخلية.
وسبق أن ألغيت كإشارة لعدم رضا واشنطن على بعض تصرفات القاهرة. وبالفعل أوقفت المناورات بين عامي 2011 و2017؛ ففي 2011 ألغيت بسبب الاضطرابات المصاحبة للانتفاضة الشعبية ضد الرئيس حسني مبارك الذي حكم لفترة طويلة. وفي عام 2013، ألغى الرئيس الأميركي آنذاك باراك أوباما تدريبات "النجم الساطع" احتجاجا على مداهمات الشرطة المصرية لمخيمات الاعتصام لمؤيدي محمد مرسي. وفي عام 2015، لم يجر التدريب بسبب التطورات السياسية في مصر، بما في ذلك عزل مرسي من السلطة بدعم شعبي وتدخل الجيش. ولم تُستأنف التدريبات إلا في عام 2017، بالتزامن مع مرحلة جديدة في العلاقات المصرية الأميركية، والتي اتسمت إلى حد كبير بما وصفه الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترمب بـ"الكيمياء الجيدة" مع الرئيس المصري السيسي.