الممثل صامويل جاكسون من مواليد 1948، أي أنه الآن في سنة 2023 يبلغ 75 عاما، إلا أن الذكاء الاصطناعي قادر على ابتكار وتخليق صور جديدة لهذا الممثل من أرشيف أداءاته في أفلامه، ودون حضوره الجسدي، ودون علمه، وبعد موته، واستخدامها في إنتاج جزء ثان من فيلمه الشهير "بالب فيكش".
ما يُقال عن قدرة الذكاء الاصطناعي على إعادة خلق الممثل من أرشيفه، يُقال عن مهن أخرى مثل الغناء، وفي صناعة السينما نفسها مثل كتابة السيناريو عبر برمجة الكومبيوتر بفكرة الفيلم العامة، وترك الذكاء الاصطناعي يخلق التفاصيل. هل المقصود من الذكاء الاصطناعي طمس لمسة الإبداع الإنساني؟ أم أن الأمر يتعلق بهوس خفض التكلفة المادية، ومحو أجور المهن الصغيرة: الدوبلير، المكياج، الممثلون العابرون في خلفيات الفيلم؟
هوليوود حاليا على صفيح ساخن. مئات الممثلين انضموا إلى صفوف كتّاب السيناريو للأعمال التلفزيونية والسينمائية في احتجاج كبير أمام استوديوهات شركات كبرى مثل "نتفليكس" و"وورنر" و"باراماونت". وردّد أعضاء النقابتين اللتين تنوب إحداهما عن حَمَلة أقلام التلفزيون والسينما، والثانية عن وجوه الشاشتين الصغيرة والكبيرة، هتافات "لا عقود، لا ممثلين، لا أجور، لا سيناريوهات".
يقول تشارلي كوفمان كاتب سيناريو فيلم "أن تكون جون مالكوفيتش" (1999)، إن الذكاء الاصطناعي سيكون المسمار الأخير في نعش الأفلام العالية الجودة، وبمجرد التخلّي عن كتابة الإنسان الإبداعية، والسماح للاستوديوهات باستخدام الذكاء الاصطناعي لكتابة السيناريوهات الخاصة بهم، فلن تكون هناك عودة إلى الوراء.قد يخشى كوفمان أن تصل المفارقة السوداء بالذكاء الاصطناعي إلى ما وصل إليه الممثل روبن ويليامز في فيلم "رجل الذكرى المئوية الثانية" (1999)، وهو رجل آلي يسعى إلى اكتساب صفات إنسانية مثل الحزن، والسعادة، والشيخوخة، والنسيان.
الآن أصبحت هوليوود مغلقة، كتّاب السيناريو مضربون، الممثلون يرفضون الترويج لأفلامهم وبرامجهم، وإذا لم يتوصّلوا في مفاوضاتهم مع الاستوديوهات إلى اتفاق، أخلاقي في العمق، على طريقة استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، فلا أحد يعرف كم ستستمر مدّة الإغلاق
ببرود، طلبت استوديوهات هوليوود من ممثلي الخلفية الثانويين مسح وجوههم وأجسامهم بتقنية ثلاثية الأبعاد، مقابل أجر يوم واحد من العمل،على أن تمتلك الاستوديوهات حق استخدام صورهم إلى الأبد دون موافقتهم، أو دفع تعويض لهم. يرى كثير من المخرجين وكتّاب السيناريو أن المشكلة ليست في نقص صنّاع الأفلام بل في أن الشركات لا ترى هوامش الربح كافية، لأنه إذا كان في إمكان الشركات تقليص النفقات إلى حد صفري، ففي إمكانها استرضاء "وول ستريت"، والحصول على تقارير أرباح أكبر. من تداعيات أزمة الذكاء الاصطناعي العاصفة، إعلان تأجيل جوائز "آيمي" لعام 2023، أربعة أشهر، إلى يناير/كانون الثاني 2024. وهذه هي المرة الأولى التي تؤجّل فيها "آيمي"، أعلى وأرفع درجات التكريم في التلفزيون الأميركي، منذ 2001، عندما أدت هجمات 11 سبتمبر/أيلول إلى تأجيل الحفل، وهذا يعني أن أثر الذكاء الاصطناعي على مجال السينما والتلفزيون، أعنف من أثر سقوط البرجين عليهما.
الآن أصبحت هوليوود مغلقة، كتّاب السيناريو مضربون، الممثلون يرفضون الترويج لأفلامهم وبرامجهم، وإذا لم يتوصّلوا في مفاوضاتهم مع الاستوديوهات إلى اتفاق، أخلاقي في العمق، على طريقة استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، فلا أحد يعرف كم ستستمر مدّة الإغلاق. يقول المدير التنفيذي لشركة "ميتافيزيك" للذكاء الاصطناعي التوليدي: "نتحرك لجمع مكتبة بيانات رقمية للممثلين، لإعادة خلق أدائهم في المستقبل، لكن ليست هناك ضمانات قانونية بعد، لطريقة استخدام تلك البيانات، وأعتقد أن المستقبل سيُظهر تلك الضمانات، لكننا لا نستطيع التوقف الآن، لأي اعتبارات أخلاقية، أو لأي تعقيدات في حقوق الملكية، علينا أن نتعامل مع الذكاء الاصطناعي التوليدي دون خوف، فهو ليس عدوا للإنسان، إن ذعر الكتّاب والممثلين، وأصحاب المهن الصغيرة، هستيري نوعا ما".