كان يطلق على العراق في الأزمنة الغابرة "بلاد ما بين النهرين" (Mesopotamia). اتسم العراق القديم بالتطور والتحضر مقارنة بالمناطق المجاورة له. تمكن سكان البلاد في ذلك الوقت من إنجاز اختراعات وابتكارات منذ الألف العاشر قبل الميلاد. بدأ العراقيون، آنذاك، باعتماد الزراعة كأهم نشاط اقتصادي وعمدوا إلى إحياء مناطق سكنية مستقرة. كذلك، نمت قدرات فنية وإبداعات في مجال التشكيل الفني منذ تلك الحقب التاريخية. بطبيعة الحال، أدى النشاط الزراعي إلى ابتداع الأعمال التجارية لتسويق المنتجات الزراعية والتواصل بين المدن والقرى. هذه الأنشطة حفّزت الابتكار والإبداع حيث يشير المؤرخون بأن الكتابة اخترعها العراقيون قبل 3000 سنة وكانت تسمى بالكتابة المسمارية. كذلك تمكن سكان بلاد ما بين النهرين من اختراع العجلة قبل الكتابة أو منذ 3500 سنة، وإن كان مؤرخون آخرون يزعمون بأن الآسيويين هم من اخترعوا العجلة. بيد أن متطلبات العمل الاقتصادي ربما عززت من الاختراعات والإبداعات في بلاد ما بين النهرين، ومكنت من تطوير المناطق المأهولة إلى أن تم استحداث المدن، التي تختلف عن القرى من حيث المنافع والدور في الحياة الانسانية.
بين الأمس واليوم
غني عن البيان أن العراق مر بحقب عديدة حتى وصل إلى ما وصل إليه اليوم. بعد الفتح الإسلامي، خضع العراق للخلافة الأموية ثم الخلافة العباسية، وبعدها حكمه العثمانيون لزمن طويل. بعد سقوط الدولة العثمانية، استعمر البريطانيون البلاد لفترة محددة وأخضعوها لإدارة استعمارية مهدت للاستقلال. قبل استيلاء البريطانيين على العراق في مارس/آذار 1917، سبق لهم أن أقاموا علاقات اقتصادية مع العراق في عهد المماليك والعثمانيين، وعملت شركة الهند الشرقية (البريطانية) في البصرة.
وصف البريطانيون وجودهم في العراق، بعد هزيمة القوات العثمانية، بالانتداب، وعملوا على إرسال مستشارين لتنظيم الأوضاع القانونية والإدارية وإنجاز إصلاحات اقتصادية. وقد تمكن البريطانيون من تأسيس العراق الحديث وإعلان النظام الملكي وتنصيب الملك فيصل الأول ملكاً على العراق في عام 1921. في ذلك الحين، كان العالم قد خرج للتو من الحرب العالمية الأولى التي شكلت معالم الجغرافيا السياسية للعديد من الدول، ومنها دول عربية مثل العراق وسوريا والأردن. وهكذا انعكست تلك التقسيمات السياسية على النماذج الاقتصادية التي اعتمدت لتلك الدول.