الرياض: منذ بدايات انطلاقها كمجموعة جريئة لمبدعين شباب غامروا بتجريب أعمال سينمائية محلية في المملكة العربية السعودية عبر منصة تلفاز 11 في يوتيوب قبل 12 عاما، سيخطئ من يظن أن رهان شركة تلفاز 11 اليوم بعد النجاح الكبير الذي حققته في مجال الإنتاج الإعلامي يتحدّد حصريا في الإنتاج السينمائي – الذي هو في صميم رهاناتها - فالمتابع الحثيث للنجاحات التي راكمتها الشركة في مجال الإنتاج الإعلامي الإبداعي بالسعودية، سيدرك وعيا مختلفا بهوية الفنون البصرية في شغف القائمين على الشركة عبر حرصهم على تقديم هوية محلية لإبداع سعودي يجعل من رهان التجريب والريادة رهانا منخرطا في تحديات نجاح وتطور يؤمن بأن فنون الفرجة ليست مجرد جزر منعزلة في تأثيراتها على المجال العام، لا سيما أن المناخ الذي يسمح اليوم بحرية إنتاج الأعمال الفنية في السوق السعودية أصبح جاذبا ومختبرا محفزا للطموح والنجاح.
يعبّر علاء يوسف فادن المدير التنفيذي ورئيس مجلس الإدارة عن صوت جماعة "تلفاز 11" في سرد بدايات الشغف بالسينما كمجاز متجدّد لحكايات لا تنتهي عن الإنسان في العالم الحديث: "لدينا شغف قديم- ولا يزال- في تلفاز11 بالسينما في حد ذاتها، وبرغبتنا في أن نكون وسيطا بين مبدعينا والمشاهدين. لطالما حرصنا دائما على رهان يؤمن بأن تقديم قصصنا المحلية للعالم هو الأكثر إقناعا بجعلها قريبة من المشاهد السعودي ومعبرة عنه، في الوقت نفسه، لهذا السبب نشعر بمسؤولية كبرى. لأن السياق الذي تنمو فيه السينما السعودية حاليا سياق واعد، ويتجه بخطى سريعة ومحفزة نحو الإبداع فى مجالات كثيرة. والمشاهد يتوقع الأفضل دائما مما يشجعنا على تقديم أفضل ما لدينا لتحقيق تطلعات المشاهد السعودي في الدرجة الأولى، والعبور بقصصنا إلى المشاهدين فى المنطقة العربية بل وفي كل أنحاء العالم".
يتذكر علاء فادن بدايات الريادة، وتحديدا ما حدث قبل 11 عاما على منصة يوتيوب عندما راهنت قناة تلفاز 11 آنذاك على وعد بتقديم هوية أصيلة لإبداع محتوى رقمي سينمائي وترفيهي مختلف: "منذ تلك البداية كان رهاننا على المشاهد المحلي في محاولة دؤوبة لمعرفة ما يبحث عنه من محتوى جديد ومختلف عن السائد فى مجال الإعلام والترفيه. نجحنا في تكوين قاعدة جماهيرية كبيرة على يوتيوب ساعدتنا في الوصول إلى المشاهد بسرعة، تفاعل الجميع معنا بصورة مباشرة من خلال تلك المنصة الشهيرة. وقدمنا أسلوبا مرنا في الإنتاج ساعدنا في زيادة قاعدتنا الجماهيرية أكثر فأكثر. ومما ساهم في ذلك حرصنا على تقديم المحتوى الإبداعي للشركة بشكل أصيل ومختلف. هذه الريادة اليوم لا تنحصر في منصة أو شكل واحد، بل تعمل في مجالات مختلفة مثل مقاطع الفيديو الرقمية الأصلية لوسائل التواصل الاجتماعي والمسلسلات والأفلام العالية الجودة وأعمال الإنتاج المخصّصة حسب طلب العملاء أيضا".
كان رهاننا على المشاهد المحلي في محاولة دؤوبة لمعرفة ما يبحث عنه من محتوى جديد ومختلف عن السائد فى مجال الإعلام والترفيه
لعل التجريب الذي تراهن عليه قناة تلفاز 11 في تقديم المحتوى الترفيهي والسينمائي يفسّر لنا أصل المغامرة التي حرصت على تقديم نمط مختلف في بعض البرامج كبرنامج "سينفايلية". وعن مغزى ذلك التجريب يقول علاء: "نحرص دائما على تنويع منتجاتنا والتفاعل مع الجمهور بأكثر من صيغة وأكثر من طريقة. وذلك لتلبية جميع الأذواق، خصوصا في ما يتعلّق بالمحتوى البسيط الذي عادة ما يُستهلك في الوسائط الاجتماعية على الإنترنت. فكما يبحث الجمهور عن التجارب السينمائية ذات الإنتاج الضخم، يبحث عن المحتوى السهل والقائم على التجريب الإبداعي الذي يفتح فرصا جديدة ومتنوعة. علاوة على ذلك، نسعى إلى تقديم قيمة للمشاهد وللمجال السينمائي، قيمة ترفيهية أو تعليمية أو غيرها، ويمكننا أن نرى ذلك فى برنامج 'سينفايلية' على سبيل المثل، إذ يقدّم قيمة ترفيهية وتعليمية للمشاهد وفي الوقت نفسه تدعم صناعة السينما عن طريق رفع التوعية عن الصناعة وتقديرها بصورة عامة".
حافز استثنائي
في غمرة مشوار النجاح الذي خاضته شركة تلفاز 11، جاء قرار استئناف الانطلاقة جديدة للعروض السينمائية في المملكة عام 2017، ليكون حافزا استثنائيا للتفاعل مع فصل جديد وواعد من انطلاقة سوق العمل والإنتاج السينمائيين. كان ذلك القرار، يقول علاء فادن، "دون شك من أهم القرارات التي نقلت السوق من الهواية إلى الاحتراف. خاصة مع ما تشهده المملكة من تطوّرات في مجالات الترفيه المختلفة. وقد ساعدنا هذا في استغلال الفرص الجديدة وتكوين فريق استثنائي والتركيز على الاحترافية العالية التي بدورها تساهم في خلق صناعة قوية ومستدامة. وهذا أيضا يساعدنا في تقديم قصصنا الأصيلة إلى الجمهور الكبير والانتقال إلى مرحلة نمو واعدة على المستويات الفنية والتجارية والاستثمارية".
تعمل شركة تلفاز 11 على تذكير الناس بجدّية المحتوى الرقمي الإبداعي عبر مقاربة متكاملة، يصبح معها الإبداع هوية للمحتوى الفني لا شكلا فقط، سواء أكان ذلك في الإنتاج السينمائي، أو إنتاج المسلسلات أو حتى في مجال الإعلان، فالفنون، يقول علاء: "أنواع كثيرة ونوافذ متنوعة. لا يعمل فن منها بمعزل عن الفنون الأخرى. ويهمّنا في تلفاز11 أن نصنع حوارا متكاملا بين هذه الفنون بأشكالها المختلفة. حتى لو كان تركيزنا على فن بصري كبير مثل السينما، إلا أننا دائما نحرص على أن تكون تجاربنا ومشاريعنا متضمّنة لجميع الفنون مما يساعد في خلق تجربة متكاملة للمشاهد".
اختراق السوق العالمي
على الرغم من النجاح الذي حققته الشركة في الرهان على إنتاج هوية محلية للإبداع السينمائي في السعودية عبر نماذج من الأفلام الناجحة، لكن الشركة – بحسب علاء فادن - تراهن في الوقت ذاته على نقل التجربة إلى العالمية واختراق سوق السينما في العالم بأفلام تعبّر بصمتها المحلية السعودية عما يمكن أن يعكس مشتركا إنسانيا. حول سبل تكييف هذه المعادلة يجيب علاء فادن: "نحن نتعامل مع لغة عالمية هي السينما. وهي لغة نتصوّر أنها يجب أن تكون مفهومة من جميع الناس فى جميع أنحاء العالم. لذلك كل ما علينا فعله هو سرد قصصنا ذات الطابع المحلي بطريقتنا الخاصة وبشغف واحترافية. وبلا شك سيصل إحساسنا فى أداء العمل إلى المشاهدين حول العالم قريبا جدا وقد بدأ ذلك بالفعل".
ما تشهده المملكة من تطوّرات في مجالات الترفيه المختلفة، ساعدنا في استغلال الفرص الجديدة وتكوين فريق استثنائي والتركيز على الاحترافية العالية التي بدورها تساهم في خلق صناعة قوية ومستدامة
حيال الاستقطاب الذي أغرى كثيرين بالتفاعل مع سوق السينما السعودية، لا سيما بعدما أصبحت السعودية مسرحا لتصوير أحداث أفلام عالمية مثل "قندهار" و"محارب الصحراء"؛ إلا أن علاء فادن يتريث في خوض شركة تلفاز 11 لتجربة الشراكة في إنتاج الأفلام العالمية: "نأمل في تقديم إنتاجات مشتركة مع شركات عالمية لأعمال تصور في المملكة العربية السعودية بالتأكيد. ونعمل على خطة متدرّجة للوصول إلى هذا الهدف في المستقبل القريب. لكننا نركز حاليا على تقديم أعمال ذات طابع محلي لكي نتمكن من زيادة حصتنا في السوق المحلي قبل الدخول في إنتاجات مشتركة مع شركات كبرى".
حول انتعاش سوق السينما السعودية في وقت ينحسر فيه الإقبال على دور السينما في بعض الدول العربية، يرى علاء أن "المشاهد السعودي عنده تعطش للسينما والفنون بجميع أنواعها وألوانها. والقوة الشرائية والحالة الاقتصادية في السعودية ممتازة. كل ذلك يدفعنا إلى حصد ثقة الجمهور من مختلف الأعمار والاستحواذ على حصة سوقية أكبر فى ظل المنافسة الموجودة مع جميع أسواق الإنتاج التي تعرض أعمالها في السوق السعودي الضخم. وهذا وفقا لآخر الإحصاءات".
انطلاق تلفاز 11 من منصة يوتيوب أتاح مناخا حرّا في الانفتاح على المبدعين عبر الفضاء التواصلي للإنترنت ولعل العمل عبر منصة يوتيوب منصة للحرية والتجريب هو ما حفز انفتاحا على استقطاب التجارب الإبداعية الجادّة، وذلك ما يؤكده علاء فادن: "ساهم انطلاقنا من منصة عالمية مثل يوتيوب فى اكتشاف أصوات مبدعة متنوعة وفنانين حازوا ثقة الجمهور ومحبته حتى اليوم. ونودّ القول إن تلفاز 11 سيظلّ بيت جميع المبدعين سواء من السعودية أو من العالم العربي. وهو يرحب دائما بالمبدعين ويحتفي بهم. ويساهم تلفاز 11 منذ بداياته فى تمكين الفنانين وتقديمهم الى الجمهور ويساعدهم في الانتشار الجماهيري ويضمنه لهم".
مهرجانات
النجاح الذي حصده تلفاز 11 بعدد من أفلامه محليا، لعب دورا كبيرا في تحفيزه للمشاركة في مهرجانات عربية محلية وعربية وعالمية، خصوصا مهرجان تورونتو السينمائي هذه الأيام حيث يشارك تلفاز 11 بفيلمين من إنتاجه. عن هذه المشاركة يقول علاء: "نعم نحن نحتفي اليوم بمشاركة عملين من إنتاجنا في الدورة 48 من مهرجان تورونتو السينمائي بكندا، هما "مندوب الليل" للمخرج علي الكلثمي، بطولة محمد الدوخي، وفيلم "ناقة" للمخرج مشعل الجاسر وإنتاج المعتز الجفري بشراكة مع شركتي مناسب وموفيتاز في انتاج فيلم ناقة. المهرجان هو أحد أعرق وأهم المهرجانات السينمائية الكبرى. ولدينا مشاريع أخرى مقبلة سترى النور في العام المقبل".
نحتفي بمشاركة عملين من إنتاجنا في مهرجان تورونتو السينمائي بكندا، هما "مندوب الليل" لعلي الكلثمي و"ناقة" لمشعل الجاسر
في غمرة المناخ الجديد لانتعاش سوق السينما في السعودية وتعزيز شركة تلفاز 11 لحضورها عبر نجاحات لافتة، كل ذلك جذب لتلفاز شراكات ناجحة مع منصات محلية وعربية وعالمية كمنصة "نتفليكس"، ونيوم، وسينما موفي. حول هذه التجربة يقول علاء فادن: "شراكاتنا مع هذه المنصات المعروفة تدلّ على أننا نسير فى الاتجاه الصحيح الذي يصبّ في صالح المشاهد السعودي. ونحن فخورون بهذه الشراكات لأنها تهدف إلى نقل الصناعة السينمائية إلى آفاق أرحب وأكثر احترافية لتلبية تطلعات المشاهدين فى جميع أنحاء العالم. حيث البحث عن الجودة الإبداعية والإنتاجية في جميع الأعمال".
"سطار" والنجاح الجماهيري
تعليقا على النجاح التجاري الكبير الذي حصده أخيرا فيلم "سطار عودة المخمس الأسطوري" من إنتاج شركة تلفاز 11 تحت شعار أفلام الشميسي، وحيال ما تعد به الشركة مشاهديها في المستقبل من أعمال سينمائية جديدة، يقول علاء فادن: "نحن سعداء جدا بالأصداء الجماهيرية والنتائج التجارية غير المسبوقة لفيلم سطار. وهذا يشجعنا على تكرار الأمر فى تجاربنا المقبلة، إذ يستعد المنتج إبراهيم الخير الله لتقديم تجربة سينمائية جديدة ضخمة. وذلك لمواصلة النجاح الذي حققه سطار. ونأمل أن ترى هذه التجربة النور فى العام المقبل".
يبدو المدير التنفيذي ورئيس مجلس إدارة تلفاز 11 متفائلا بالنجاح المطرد الذي تشهده سوق السينما السعودية بعدما تخطت مبيعاتها حدود 800 مليون دولار خلال 5 سنوات نتيجة لحمى التنافس التي ترفع من وتائر الرهان على الجودة، ليؤكد فادن ثقته بالمستقبل الواعد للسينما في السعودية: "السينما في المملكة أثبتت فى الفترة القصيرة الماضية من عمر الصناعة أنها قادرة على المنافسة وحصد القبول الجماهيري من مختلف الأوساط عبر أكثر من عمل. وقد قطعنا شوطا كبيرا فى تحقيق بعض أهدافنا لكننا نطمح إلى الأفضل ونعمل على تحقيق جميع أهدافنا ومنها زيادة حصة الفيلم السعودي في سوق السينما المحلي والإقليمي والعالمي" .