تعيش ليبيا احدى أعنف الكوارث الطبيعية على مر تاريخها. فـ"إعصار دانيال" الذي ضرب يوم الأحد 10 سبتمبر/أيلول غالبية مدن شرق ليبيا، هو الاضخم والاشد دمارا وخرابا، وقد خلف الآف الضحايا ومئات الالاف من المفقودين بحسب تقديرات وزير الصحة في حكومة الشرق، وأتى على الاخضر واليابس وكشف على رؤوس الملأ حصيلة سنوات من الضياع والاهمال والفساد والتقصير.
هذه الكارثة غير المسبوقة، جمعت الليبيين من شرق البلاد الى غربها، بعدما مزقتها الانقسامات والصراعات الدامية طوال اكثر من عشر سنين منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي، كانت خلالها ولا سيما مدينة درنة مسرحا دمويا، شاهدة وشهيدة على جرائم مروعة اكثرها وحشية خلال فترة سيطرة "الدواعش" على المدينة.
الدمار الذي خلفه الاعصار، زاد المأساة مأساة، فحصد الاف الارواح ومحا بالكامل شوارع ومباني، وسطّر شهادات تؤكد ان الطبيعة ليست وحدها المسؤولة عن احوال شرق ليبيا المنكوب، اذ ان الاهمال والفساد والتقصير وسوء التقدير فاقمت هول الكارثة بحسب تقارير لخبراء ليبيين شملت بالتحديد وضعية سدود مدينة درنة والاموال المهدورة التي كانت مخصصة للاعمار ولتحسين البنى التحتية.
المشاهد من شرق ليبيا مروعة، والشهادات التي يسردها الناجون من كارثة الاعصار تكاد تفوق الخيال، من حيث حجم الخسائر البشرية والمادية في مدن درنة والبيضاء وشحات وسوسة والمرج وطبرق ومختلف القرى في منطقة الجبل الاخضر وصولا الى بنغازي. فمنذ الساعات الاولى من صباح يوم الثلاثاء صدم الليبيون والعالم بمخلفات هذه العاصفة: جثث بالمئات متناثرة في الشوارع، ومنازل ومبان منهارة بالكامل واخرى غمرتها المياه، وسيارات جرفتها السيول بمن فيها وما فيها، وشوارع دمرت بالكامل وانتهت في البحر.
تجاوز عدد الضحايا 2600 قتيل بحسب تقديرات اولية للهلال الاحمر والجيش الليبي وجهاز الاسعاف ووزارتي الصحة في "حكومة الوحدة الوطنية" والحكومة المكلفة من برلمان طبرق، فيما اكد وزير الصحة في حكومة الشرق عثمان عبد الجليل لوسائل اعلام محلية ان التوقعات تشير الى ان عدد الضحايا قد يتجاوز الـ10 الآف والمفقودين 100 ألف بسبب الفيضانات والسيول الناتجة من انهيار سدين قديمين في مدينة درنة.