يخوض الشيخ الشيعي اللبناني ياسر عودة، مع قلة نادرة من أقرانه، حربا ضد الفساد عموما، وضد خطاب "حزب الله"، و"حركة أمل"، الذي يرى فيه نسفا لأصول الدين وأصول التشيع. ويلفت في أكثر من مناسبة إلى أنه بات أسير عملية تسييس كامل يسعى من خلالها "الثنائي" الحاكم إلى تغطية الظلم والفساد؛ بإشاعة الطقوس وتعميم الخرافات ونشر العداوات بين المذاهب والفرقة بين الناس.
لم تشفع له دراسته العلمية والشهادات الموثقة التي حصل عليها، ولا تتلمذه على يد كبار العلماء، ولا سيرته الدعوية الطويلة التي قدم فيها الكثير من البرامج الإذاعية التنويرية والخطب المتزنة، ولا كونه صاحب عدد من المؤلفات الدينية البارزة، إذ إن إصراره على محاربة الفساد ورفضه لسطوة الثنائي على قرار الشيعة خصوصا والقرار العام للبلد عموما دفعا هيئة التبليغ في المجلس الشيعي الأعلى إلى اعتباره فاقدا للأهلية العلمية وغير صالح لممارسة الدعوة الدينية.
تم إصدار قائمة ضمت أسماء 15 من الشيوخ الذين تعدهم من غير المؤهلين للدعوة، تصدرها اسم الشيخ ياسر. القاسم المشترك الذي يوحد بين كل الأسماء الواردة في تلك القائمة هو رفض التسلط والفساد والعمل على تسفيه ما تتم إشاعته من خرافات تنافي العقل والمنطق، يتم تعميمها ونشرها بتحريض من وسائل الإعلام التي يتحكم فيها "الثنائي" وعبر حملات منظمة تنتشر في الفضاء العام وعبر وسائل التواصل الاجتماعي.
الهدف من كل ذلك هو خلق نسق مهيمن يعطل كل أشكال المطالبة بحل الأزمات المعيشية الخانقة والإضاءة على مكامن الخلل العام والتي تحتمي جميعها بسطوة "الثنائي" وتختفي وراءها، جاعلة من الدولة ومؤسساتها صيغة شكلية بلا دور أو وظيفة سوى منح فساد "الثنائي" والتيارات السياسية الحاكمة في لبنان الشرعية، والتغطية عليها بعناوين إدارية وقانونية.
الشيخ ياسر كان رافعة لحراك الاعتراض على هذه الممارسات، مما استوجب شن حملات متتالية عليه. لم تكن تلك التخريجة التي أطلقتها هيئة التبليغ سوى آخر محطة من محطاتها الكثيرة. وعلى الرغم من صدور بيانات تؤكد أن ما أعلنته الهيئة لا يعبر عن رأي المجلس، إلا أن حملات التخوين والتكفير والتهديدات بالقتل لم تتوقف بل تميل إلى التمادي وترتفع وتيرتها مع إصرار الشيخ على مواقفه التي لا يراها شجاعة وبطولة، بل مجرد تطبيق لشروط الإيمان.
"المجلة" حاورت الشيخ حول مجموعة من العناوين التي تشكلت قبل وبعد صدور قرار عدم الأهلية، وناقشته في ما يخص معاركه مع الفساد ومواقفه من ظواهر التقديس التي تسيطر على الممارسة السياسية للثنائي الشيعي والتي جعلته يحتل قائمة من يستهدفهم بمحاولات الإقصاء والإلغاء.
حرم سياسي
ينظر الشيخ ياسر إلى قرار حرمانه من عمامته ومحاولات إخراجه من المجلس الشيعي الذي أصدرته هيئة التبليغ في المجلس الشيعي بوصفه قرارا سياسيا بامتياز. يعود السبب الفعلي وراء صدوره إلى أن المسيطرين على قرار المجلس لم يحتملوا منطق العودة إلى تحكيم القرآن، وتغليب عناوين الوحدة الإسلامية، والمطالبة بوطن حر مستقل يعيش فيه كل أبنائه، والدعوة إلى الوقوف إلى جانب الفقراء والمستضعفين في معركتهم ضد الطغمة الفاسدة.