لسنوات طويلة، كان "القوميون العرب" يقولون– دون إثبات أو دليل– إن ملك الأردن الراحل حسين بن طلال قدم "معلومات دقيقة" لإسرائيل قبل أيام معدودة من حرب 6 أكتوبر/تشرين الأول الشهيرة سنة 1973. لكن وثائق اسرائيلية، كشفت ان ما قدمه لايعدو كونه الحديث عن "استعدادات" لاترقى لمستوى تقديم "تفاصيل الخطة" التي لايملكها بالأصل.
وكانت هذه الحرب هي الرابعة في تاريخ الصراع في الشرق الأوسط، بعد حرب فلسطين الأولى سنة 1948 وحرب السويس عام 1956 وصولا لحرب يونيو/حزيران عام 1967 التي سمتها إسرائيل حرب "الأيام الستة" وفيها احتلت هضبة الجولان وشبه جزيرة سيناء إضافة للضفة الغربية والقدس الشرقية. أما حرب أكتوبر- والتي تعرف إسرائيليا بحرب يوم الغفران، أو "يوم كيبور"- فقد سقط خلالها قرابة الثلاثة آلاف جندي إسرائيلي، مع استشهاد ما بين 3000-3500 مواطن سوري وأكثر من خمسة آلاف جندي مصري.
كانت هذه الحرب تحولا كبير في مسيرة قادتها العرب، الرئيس السوري حافظ الأسد ونظيره المصري أنور السادت، وكلاهما كان حديث العهد بالسلطة، وصلا إلى الحكم بفارق شهرين سنة 1970. كُتب عنها الكثير، وفي القاهرة لقب السادات بسببها بـ"بطل العبور" (عبور خط بارليف) وسمي الأسد في دمشق بـ"بطل التشرينين" (الحركة التصحيحية التي أوصلته إلى الحكم في نوفمبر/تشرين الثاني 1970 وحرب أكتوبر/تشرين الأول عام 1973).
الملك حسين في الأرشيف الإسرائيلي
كانت روايات متداولة تقول، إن الملك حسين رفض دخول الحرب بعد تجربته المريرة مع سوريا ومصر سنة 1967 والتي أفقدته الضفة والقدس الشرقية. وتشير الى حسين اتصل هاتفيا بغولدا مائير، رئيسة الحكومة الإسرائيلية في حينها، وحذرها من خطة سورية- مصرية لدخول حرب حقيقية بعد حرب الاستنزاف. البعض بنى رواية حسين- مائير على ما جاء مسبقا وبات مثبتا في كتب التاريخ، أن جده الملك المؤسس عبد الله الأول اجتمع معها قبل أيام من نشوب حرب فلسطين الأولى ووعدها بتفادي القتال في المناطق المخصصة لإسرائيل في قرار تقسيم فلسطين الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1947.
أما اليوم، فقد أفرج مركز الأرشيف الإسرائيلي التابع لمكتب رئيس الحكومة، عن آلاف الوثائق حول حرب عام 1973، مع اقتراب الذكرى الخمسين لنشوبها يوم 6 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بينها قصة موقف العاهل الاردني، وفق ما جاء في مفكرة إيلي مزراحي مدير مكتب غولدا مائير.