وضع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي على المائدة أمامه كلمة "بهارات" للتعريف ببلده أثناء اجتماعات قمة الدول العشرين الأخيرة في نيودلهي، كتأكيد على تمسكه بما يقول إنه مرحلة جديدة من تاريخ الهند تؤكد نهوضها وابتعادها عن ماضيها المثقل بالعوائق والاضطرابات.
وحري بالهند الاحتفال بما حققته في الأعوام القليلة الماضية من عودة قوية إلى الساحة الدولية والإصرار على سياسة خارجية مستقلة تسير بين ألغام الاستقطاب العالمي المتفاقم بين الولايات المتحدة والصين، والذي جاءت الحرب الروسية في أوكرانيا لتزيد من اشتعال نيرانه. وباتت معروفةً الإنجازات الهندية الأخيرة التي سعى مودي إلى إظهارها أثناء الاستعدادات لاجتماعات قمة العشرين والتي أرادها تكريسا لنهوض الهند وإسقاطها للصور النمطية التي أحاطت بها منذ عقود.
صحيح أن اعتماد اسم "بهارات" للهند لم يصبح نهائيا بعد، وأنه ناجم في الأصل عن المنافسة بين حزب "بهاراتيا جناتا" الحاكم، والمعارضة التي شكلت قبل شهور قليلة ائتلافا يحمل اسم "إنديا" (الهند) وصحيح أيضا أن سياسة مودي تشدد على التخلص من "الإرث الاستعماري" الذي جاء اسم الهند منه، بما فيه الإرث الإسلامي الذي يزيد على ألف عام، وساهم في رسم وجه الهند الحالي من خلال إمبراطوريات عدة أهمها الإمبراطورية الموغلية (أو المغولية) إلا أن العامل الداخلي يسير يدا بيد مع الانفتاح على الخارج والبحث عن مكان تحت شمس العالم الذي يغلي بتغييرات ترى نيودلهي فيها فرصة لإثبات الذات والحضور.
مقابل الإنجازات المعروفة في مجال السياسة الخارجية والتقدم العلمي والتكنولوجي وآخره هبوط مركبة هندية على القطب الجنوبي للقمر في خطوة فشلت فيها دول تمتلك تراثا عريقا في استكشاف الفضاء، تواجه الهند عددا من القضايا التي تستحق المتابعة والتي قد تشكل عوائق كبيرة أمام تحقيق رؤاها والوصول إلى أهدافها المستقبلية. هنا سرد لها.
1- الحصة من السوق العالمية: وصلت الهند إلى المرتبة الخامسة في إجمالي الناتج المحلي مع 3.74 تريليون دولار متقدمة بذلك على بريطانيا وفرنسا. بيد أن المنافسة على حصة من الاقتصاد العالمي لن تكون سهلة، خصوصا أن على الهند العثور على المجال الذي يمكن أن تتفوق فيه إضافة إلى إدخال تغييرات عميقة في قواها العاملة التي لا زال 59 في المئة منها يعمل في القطاع الزراعي الذي تتراجع مساهمته في الاقتصاد الهندي؛ فعلى سبيل المثال، وعلى الرغم من الشهرة الكبيرة التي تحظى الهند بها كبلد يعج بالكفاءات المتقدمة في مجال برمجة الكمبيوتر والاتصالات بفضل انتهاجها سياسة تعليمية ركزت على التكنولوجيا والهندسة، إلا أنها تفتقر إلى القدرة على إنتاج الرقائق الإلكترونية المتطورة التي لا زالت الصين والولايات المتحدة وتايوان تحتل مراكزها الأولى.