"لولا فسحة الملعب" الدفتر الثاني من سلسلة "محترف أوكسجين" للنشر، الدار التي بدأت منشوراتها على مستوى الدفتر الورقي بالصدور في 2023، بعد تجربة مختلفة في النشر الإلكتروني، تأليف وتحرير الكاتب السوري أدهم عبدالله، بمساهمة الناقد السينمائي المغربي سليمان الحقيوي، والكاتب الجزائري عماد بن صالح، والسيناريست الإماراتي محمد حسن أحمد؛ مئة وثماني وعشرون صفحة من المتعة في ترقّب أحداث سردية ممتعة، لشخصيات من جماهير كرة القدم، وهي تبتعد عن مضمار أصواتها ولقطاتها عبر الكاميرا والتلفزيون، لتظهر الجماهير في رحلة مكتوبة، سرديات يومية وطقوسية، لولادة شغفهم وانتمائهم ولحظاتهم المثلى، وولادةالفرق وتوارث الانتماء إليها، وسرد طقوس التفاعل منذ طفولة الفرد، حتى خطواته الأولى نحو الملعب، أو التجمّع أمام الشاشة لمتابعة الفرق في حال كان الذهاب الى الملعب أمرا شاقا. كل هذه الطقوس تأخذ أبعادا اجتماعية ويومية وثقافية ضمن دفتر "لولا فسحة الملعب".
الدفتر المقسّم ثمانية فصول تشمل مشجعي ثمانية فرق عربية: الأهلي، الزمالك، مولودية الجزائر، الوداد البيضاوي، الوحدة، تشرين، حطين، والإمارات. محصلة جهد بحثي وتحريري، تأخذ فيه النصوص أبعادا منضبطة لمقابلة عشاق الفرق المختلفة وأكثرهم قدرة على الغرق في تفاصيل ذاكرته، لاستجلاء مكامن اللحظات الأكثر فرحا وقسوة وسردا لبداية الانتماء بما يتذكرونه، باستثناء بعض النصوص التي كتبها المحررون استنادا إلى تجربتهم، أو تتبعهم لفرد من جمهور الفرق. يبدأ كل فصل بالولادة، النشأة التي جعلت جماعة ما تلتفّ حول مؤسس، والأدوار الاجتماعية والسياسية، التي لعبتها ولادة كل فريق.
خلافا لكثير من التجارب الصحافية المختصة بالرياضة بشكل بحت، يصل الدفتر إلى القارئ بوصفه تجربة ثقافية اجتماعية، تفتح أبوابا للتفكير في ولادة الجماعات التي أصبحت كلاسيكية في عالمنا المعاصر، الجماعات المستقلة إلا من انتمائها ومشاعرها وعنفوانها، التي بدأت منذ بداية القرن العشرين بأخذ فكرة الاجتماع إلى منعطفات جديدة. ليس الدفتر نصا تجريبيا بقدر ما يظهر حفرا عميقا لبنية مهملة، وهي جماهير كرة القدم وتفاصيل تجمعها، ويرصد الدفتر التجارب، موازيا خطوط الولادة من رحم اجتماعية متفاعلة وحية، فيها السياسة والمواطنة والانتماءات البسيطة والجزئية، كالانتماء إلى مدينة أو حي أو منطقة، والأدوار التي لعبتها طبيعة التجمعات في تشكيل الفرق العربية.