في صيف 2022، أعيد تصميم منزل في وسط العاصمة الأرمنية يريفان، وسرعان ما عُرضت بفخر لافتة جديدة ورُفِع عَلَم، ليتحول إلى مؤسّسة جديدة تسمى "سفارة المتع الجمالية"، ما لبث سائقو سيارات الأجرة أن سمّوها "مقهى الروس". ذلك مثل واحد على أثر الغزو الروسي لأوكرانيا في بعض الدول الأخرى التي كانت تابعة للاتحاد السوفياتي السابق، إذ لم يكتفِ المهاجرون الروس بالانتقال للعيش في بلد آخر فحسب، بل نقلوا أعمالهم إليها أو أنشأوا شركات جديدة.
في حديث مع إحدى وسائل الإعلام الأرمنية بعد فترة قصيرة من افتتاح "السفارة"، قالت المؤسِّسة المشاركة ميشا رايفيشر: "كان لدينا اتحاد إبداعي في موسكو يسمى 'المتع الجمالية' وكنا ننظّم فاعليات على مستوى عال في أماكن مختلفة كل عام تسمى 'أمسيات المتع الجمالية'. بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا، بدأنا البحث عن فرص لإطلاق شيء جديد في كل من أرمينيا وجورجيا. وكنا محظوظين في العثور على مكان في أرمينيا". تجمع المؤسّسة بين أفكار متنوّعة في مبنى واحد، حيث تُستخدم إحدى المساحات كبار، وأخرى كمقهى، وهكذا في باقي أجزاء المبنى. وقال المدير الإبداعي للمكان، إيليا كوسنيروفيتش، "غادرتُ روسيا وأنا أشعر بقلق كبير، وكنت مستاء. أنا ضدّ الحرب... ولهذا السبب، ولأسباب مالية بحتة أيضاً – كنا نعمل مع شركات دولية في الغالب، فألغيت عقودنا أو جمدت - أدركنا أنه لا يوجد سبب لبقائنا [في روسيا]".
الأعمال الروسية بالأرقام
في إيجاز للأرقام، قال وزير الاقتصاد الأرمني، فاهان كيروبيان، إن ما بين 108 و110 آلاف مواطن روسي انتقلوا إلى أرمينيا في سنة 2022. وجاء عدد أكبر إلى أرمينيا بوصفها "منطقة عبور" قبل العثور على مكان جديد للإقامة. وسُجّلت نحو 2500 شركة جديدة في البلاد أسّسها مواطنون روس أو شاركوا في تأسيسها، إضافة إلى 4000 مواطن روسي سُجّلوا بوصفهم روّاد أعمال مستقلّين. وفي خطاب عن الأداء الاقتصادي لأرمينيا في 2022، قال رئيس الوزراء نيكول باشينيان "إن موجة الانتقال هذه ساهمت جزئياً في تمكيننا من تجاوز هدف النمو الأصلي البالغ 7 في المئة، ونما الناتج المحلي الإجمالي لأرمينيا بنحو 13 في المئة".
وعلى الرغم من أن العديد من المواطنين الروس الذين انتقلوا إلى أرمينيا أنشأوا أعمالاً في قطاع الفنادق والمطاعم والمقاهي، إلا أن قطاع تكنولوجيا المعلومات اجتذب أكبر الاستثمارات الجديدة. وقال كيروبيان في مقابلة مع مجلة "فوربس" هذا الصيف: "يعدّ قطاع تكنولوجيا المعلومات في أرمينيا أكثر تطوّراً مقارنة بالدول المجاورة لنا، ومن المهم أن تكون المواهب المحلية متاحة للشركات المنتقلة إلى أرمينيا. لا نمانع دخول الشركات المنافسة من روسيا. في الواقع، من الأفضل أن تنافس الشركات من دول أخرى شركاتنا المحلية، وتجبرها على التقدم. فالشركات التي لا تتكيّف وتتقدم بسرعة كافية تندثر".