يصادف الثالث من سبتمبر/أيلول من هذا العام الذكرى الأربعين لحرب الجبل التي وضعت كلا من المُتَّحَدين (الطائفتين) الدرزي والماروني- وهما المجموعتان المؤسستان للكيان اللبناني- في مواجهة عسكرية ضروس أسفرت عن تدمير ما بناه كل منهما من تجربة سياسية واقتصادية رائدة عبر أكثر من أربعة قرون من العيش سويا، في إطار الحكم الإقطاعي ومن ثم الدولة اللبنانية الحديثة.
بطبيعة الحال، أتت حرب الجبل ضمن السياق الموضوعي للصراعات الإقليمية والدولية التي خيضت في إطار الحرب الباردة بين المعسكرين الغربي والاشتراكي، حيث انخرط كل من الدروز والموارنة في المعسكرين واستفادا من الدعم السياسي والعسكري لمشاريعهما المذهبية والمحلية.
لكن اللافت في المتَّحَدين الماروني والدرزي هو الرغبة الجامحة في صيف 1983 بعدم التسوية ورفض السماح للوساطة الأميركية آنذاك برعاية إدارة الرئيس رونالد ريغان بتفادي المواجهة العسكرية التي اندلعت بعد دقائق من استكمال الجيش الإسرائيلي من انسحابه من جبل لبنان إلى خط نهر الأولي وذلك في فجر الثالث من سبتمبر (أيلول). فخاض الحزب التقدمي الاشتراكي بزعامة وليد جنبلاط من الطرف الدرزي والقوات اللبنانية التي تيتمت بعد اغتيال زعيمها الماروني الشاب بشير الجميل، أشرس المعارك التي أدت إلى مقتل أكثر من عشرة آلاف شخص وتدمير قرى مسيحية وتهجير السكان المسيحين للجزء الجنوبي من جبل لبنان بأكمله.