دخلت الاحتجاجات المناهضة للنظام، جنوبي سوريا، أسبوعها الثاني، اعتبارا من يوم الاثنين الماضي. واندلعت هذه الاحتجاجات في البداية بسبب قرار الحكومة خفض دعمها للوقود، على الرغم من محاولة النظام التخفيف من أثر هذا القرار من خلال مضاعفة رواتب الوظائف العامة. وتاريخيا، شهدت المناطق الواقعة خارج قبضة النظام- والتي تمتد من مناطق حكم الإدارة الذاتية في شمال شرقي البلاد إلى مناطق حكومة الإنقاذ في الشمال الغربي والمجالس المدعومة من تركيا– شهدت احتجاجات متفرقة ضد سلطات الأمر الواقع الخاصة بكل منها.
إلا أن التصاعد المستمر للاحتجاجات المناهضة للنظام لم يثر بشكل مباشر مظاهرات مماثلة ضد سلطات الأمر الواقع التي تسيطر على مناطق أخرى من البلاد. بدلا من ذلك، انضم سكان هذه المناطق معا للتضامن مع المحتجين ضد النظام وتقديم الدعم لهم. ويمكن أن تُعزى هذه الظاهرة إلى الاعتقاد بأن السكان في المناطق غير الخاضعة لسيطرة الحكومة ينظرون إلى سلطات الأمر الواقع الخاصة بهم باعتبارها خيارا أكثر قبولا مقارنة بالنظام، مما يزيد من ترسيخ دور الرئيس الأسد باعتباره الخصم الرئيس لهم.
ومع ذلك، من الضروري التأكيد على أن الظروف المعيشية للمقيمين في المناطق التي يسيطر عليها النظام أصعب بكثير مقارنة بالمناطق الأخرى. ويستمر هذا التفاوت على الرغم من ميزة وجود هياكل مؤسسة للدولة في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، بخلاف الأطر المشيدة حديثا في مناطق أخرى، والتي أُنشئت بموارد وخبرات محدودة.
المناطق الخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام
في عام 2017، ظهرت حكومة الإنقاذ السورية في محافظة إدلب وريف حلب، بتأييد ودعم من "هيئة تحرير الشام". ويتعدى دعم الهيئة لحكومة الإنقاذ الجانب العسكري، حيث تتيح لها الفرصة للوصول إلى العائدات التي تنتجها أو تديرها. وفي المقابل، تستفيد هيئة تحرير الشام من حكومة الإنقاذ في فرض سيطرتها الإدارية على المنطقة.
وتتألف حكومة الإنقاذ من رئيس للوزراء و11 وزيرا، يعتمدون بدورهم على المديريات الفنية والمجالس الإدارية لحكم المناطق. وتدار المديريات الفنية من قبل موظفين معينين، أما المجالس المحلية فتُنتخب نظريا من قبل المجتمعات المحلية لضمان المشاركة الشعبية في الحكم المحلي. بالإضافة إلى ذلك، يوجد مجلس شورى يعمل كهيئة تشريعية نظرية (أشبه بالبرلمان) مسؤولة عن مراقبة حكومة الإنقاذ.
وفي حين تُجرى الانتخابات اسميا لمجالس الشورى والمجالس الإدارية، فإن الكثيرين ينظرون إلى هذه العمليات على أنها مجرد إجراءات شكلية. وغالبا ما يتم تحديد المرشحين الناجحين مسبقا من قبل هيئة تحرير الشام والمجموعات التابعة لها. علاوة على ذلك، فإن نموذج الحكم الذي تتبعه حكومة الإنقاذ يركز سلطة اتخاذ القرار في يد المستويات الأعلى. وبالتالي، تقوم المديريات الخدمية في المقام الأول بتنفيذ السياسات والبرامج التي تضعها وزاراتها المتخصصة، والتي تخضع لسيطرة هيئة تحرير الشام.
المناطق المدعومة من قبل تركيا
تشمل هذه الأراضي أعزاز والمناطق الخاضعة لعمليات درع الفرات وغصن الزيتون العسكرية التركية. وتمتلك هذه المجالس شبه المستقلة سلطة تنفيذية كبيرة ضمن نطاق اختصاصاتها، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الدعم المالي والإداري الكبير الذي تقدمه تركيا. فمن الناحية المالية، تعتمد هذه المجالس على الإيرادات المتأتية من المعابر الحدودية والأمامية، إضافة إلى الدعم المالي الذي تقدمه تركيا.
وتتركز العلاقة بين هذه المجالس والحكومة التركية حول المساعدات المالية والفنية. ومع ذلك، فإن مشاركة تركيا المباشرة والكبيرة على الأرض تمنحها قوة كبيرة للتأثير على عملية صنع القرار في هذه المجالس. ويشرف على الإدارة اليومية للمجالس إداريون معينون من قبل الأتراك، والذين يعينون بدورهم ممثلين أو مستشارين للتعاون مع المجالس.