كان عام 2008 في سوريا، هو أكبر تظاهرة للغة العربية، تشهدها البلاد. فالحكومة احتفت عبر مؤسساتها كافّة بعام دمشق، عاصمة للثقافة العربية، وبدا واضحا ميل السياسة السورية إلى اعتبار الحضن العربي ملجأ حيويا مهمّا للتفاعل والعمل السياسي، والانغماس في اللغة العربية كأفضل طريقة لتحقيق الانتماء وقيادة الدور العروبي.
في هذا الإطار، غدت اللغة العربية الشكل الثقافي الوحيد الذي يجب التفاعل معه، إلى الحدّ الذي تحوّل فيه التركيز على اللغة العربية إلى مدار تندّر اجتماعي، وأصدرت الحكومة السورية قوانينَ تمنع استخدام أي لغة غير العربية في أسماء المتاجر والمؤسسات الخاصة، وعرّبت الأسماء الأجنبية للمحلات بشكل بدا مبالغا فيه، وظهرت الترجمات العربية لتلك الأسماء بصورة إجبارية وتحت طائلة الغرامة القانونية. ونُشرت عبر المراكز الثقافية تظاهرات للحرف العربي، واستقبلت الجرائد والمجلات كتابات هائلة عن اللغة العربية ودورها واتساع معالمها وقدراتها، وحملت كل مشاريع التنمية الموجّهة للطفل طابعا شكليا، من رسومات الحرف العربي إلى جعل المواطنة قضية لغوية، وأسبغت على اللغة العربية أبعادا سياسية قد لا تستطيع اللغة نفسها حملها.