لندن: حين اختُرع التصوير الفوتوغرافي اكتشف الرسامون أن ما كانوا يفعلونه لم يعد إعجازيا. عشرات من الساعات يمضونها في مواجهة قماشة الرسم صار في إمكان المصور أن يختصرها إلى دقائق وتكون النتيجة أكثر دقة. غيّر ظهور التصوير مجرى الرسم إلى الأبد. في هذا المعرض الفريد الذي يقيمه متحف "تيت مودرن" بلندن بعنوان "الإمساك باللحظة"، نتعرّف إلى تفاصيل العلاقة الديناميكية بين هذين الوسيطين من خلال بعض الأعمال الفنية الأشهر في عصرنا.
في القرن التاسع عشر عبّر الانطباعيون في فرنسا عن قلقهم في مواجهة تقنيات التصوير الفوتوغرافي ونجحوا في الخلاص بالرسم من خلال اكتشاف الطبيعة في تحولاتها الآنية المباشرة أو ما سُمي بالانطباع اللحظوي. ذلك ما لم يكن التصوير في حينه قد تمكّن من الخوض فيه. غير أن تقنية التصوير تطوّرت فصارت تنافس الأسلوب الانطباعي في التقاط لحظة التحوّل الفجائي. كان على الرسم أن يبحث عن حلول أخرى، يؤكد من خلالها ضرورته، مستفيدا من التصوير.
ذلك ما يستعرضه بعين ناقدة ومتفحصة، المعرض الذي يستمر حتى يناير/ كانون الثاني 2024. موضوع المعرض ليس غامضا على الرغم من غموض البحث في دوافعه وخلفيّاته. إلى أي حدّ استفاد الرسم من التصوير الفوتوغرافي ووظّفه لحسابه. والعكس يجوز أيضا. هناك نصوص جدارية وُضعت قريبا من الأعمال الفنية لتوضح الفكرة لكنها جاءت مبسّطة وبطريقة تكاد تكون ساخرة. تقرأ مثلا "بينما يتصارع المصوّرون مع آليات الكاميرا، يعمل الرسامون على سطح القماش وبنية الطلاء". تلك فكرة مبسّطة لا ترتقي إلى مستوى الأعمال المعروضة التي صارت جزءا من تاريخ الفن.